العيد غداً بعد شهر من الصبر ليس على الجوع والعطش من الصائم فقط، بل على فحش الأسعار .. بعد شهر أبدع فيه التجار بألوان استنزاف الجيوب كما أبدع الصناعيون في أساليب رفع أسعار المنتجات.. لاستنزافها طبعاً.
من يقم بجولات شبه يومية في الأسواق يلاحظ عن كثب الفجوة التي باتت واضحة في بعض أنواع السلع، لا لفقدان المادة بل لرقادها في المستودعات ليتماشى الربح مع سعر الصرف، فإن كان الربح القائم 300% وبالإمكان أن يكون 500% خلال أيام.. فلمَ يوزع السلعة..!!
التاجر يسعّر سلعته على أساس نحو 300 ليرة زيادة على سعر الصرف القائم في السوق السوداء -ولو كانت سلعته ممولة من المركزي وبسعر 438 ليرة- على أساس ما سيكون من انخفاض الربح، في حين يبقى الربح قائماً ولو انخفض سعر الصرف، وهو أمر قد يكون مفهوماً لتشعّب أحاديثهم وتبريراتهم الطريفة أحياناً والمستفزة أحياناً أخرى حول تقلّب أسعار الصرف.
أما الصناعي فأمره أغرب، إذ إن المنتج وطني والمادة الأولية (بالنسبة للصناعات التي تحتاجها) تُستورد وبكميات تكفي لأشهر، ومع ذلك يتحفنا الصناعي “الوطني” بأسعار يومية ترتفع توازياً مع ما يجري من ظروف، لا حسب ما تُموّل به من سعر.
المشكلة أن بعضهم بات يركب الموجة ودون خجل، فالأسواق الشعبية التي ابتدعها المواطن نفسه مع المنتجين، وبدأت بالقطاع الزراعي باتت كعب أخيل في خطة المواطن، إذ بات الكثير ممن لعب لعبة الأسعار يتحفنا يومياً بظهوره والحديث عن هذه الأسواق التي جاءت أساساً مواجهة وتصدياً له ولأمثاله من المستغلّين ومفجوعي الربح.
لم لا تطالعنا أية جهة كانت بعقوبة رادعة وعلنية لأي من التجار والصناعيين المتلاعبين بلقمة المواطن، وهي فكرة ليست طوباوية أو بعيدة عن المنطق لسبب بسيط: فنتائج أفعال هؤلاء باتت تنعكس في الشارع على الثقة بالحكومة وأجهزة الدولة، فالمواطن لا يمكن له التعويل أو حتى العتب على أخلاق المستغل، بل يعتب أول ما يعتب على الوزارات وأجهزتها باعتبارها القطاع العام وحامي القوانين ومنفّذها.
فلنجرّب بفضح تاجر وصناعي من مراكمي الثروات، مع الدعوة للإبلاغ عن أي حالة رفع أسعار حتى تتدخل الأجهزة المعنية لتنكشف سلسلة الأسعار ورافعيها، وهي حكماً لن تخرج عن صاحب العمل تاجراً كان أم صناعياً..!! ولنجرّب بعدها سبر الأسواق ودراسة الأسعار.. واليقين كل اليقين من إيجابية النتائج.
الكنز – مازن جلال خيربك