من الشمال السوري حيث حقول القمح المحروقة في أرض الجزيرة الخيِّرة إلى الزيتون المقتلع من أرضه في فلسطين، هي الجغرافيا نفسها تروي حكاية عدو واحد بوجوه متعددة، فتارة يحضر الأميركي بوجهه المتغطرس قاتلاً ومدمراً وحارقاً لأرزاق السوريين، وتارة يحضر الصهيوني قاتلاً ومدمراً ومقتلعاً لأشجار الفلسطينيين، حيث تجمعهما الأيديولوجيا الحاقدة ذاتها على الأرض والشجر والحجر قبل الإنسان ابن هذه الأرض المباركة.
على مدى أكثر من سبعين سنة من وجودهم الاحتلالي البغيض، وغير الشرعي على أرض الرسالات في فلسطين لم يتخل الصهاينة عن عداوتهم وحقدهم على شجرة الزيتون المقدسة، وها هو الصهيوني الآخر بوجهه الأميركي القبيح يتخذ من قمح الجزيرة عدواً له، ويأمر لصوصه ومرتزقته بحرق حقوله في جريمة مستنكرة بحق الإنسانية قبل أن تكون بحق السوريين، فحرق حقول القمح في مثل هذه الظروف الصعبة هو إمعان صريح ووقح في تجويع السوريين، وضرب أمنهم الغذائي، وهم الذين تحدّوا الحرب والحصار، وزرعوا أرضهم، وكدوا واقتربوا من ساعة الحصاد.
هذا التقاطع العميق بين الإدارة الأميركية الحالية والكيان الصهيوني في العداء للإنسان العربي يعطي قيم جديدة ومقدسة للمقاومة المسلحة ضد أي وجود غريب، ويقدم المبرر القانوني والأخلاقي لكل عمل من شأنه طرد المحتل الغاصب عن هذه الأرض المباركة، ولا يحتاج أبناء القمح والزيتون لمن يرشدهم إلى طريق المقاومة، لأنها واضحة المعالم كوضوح قضيتهم المحقة، وكوضوح الأحقاد اللئيمة التي تجلت في سلوك المحتلين الأميركان والصهاينة الطارئين على هذه الأرض في الأيام الماضية، بحيث بات أمر جلائهم عنها هو قدرهم المحتوم مهما تهربوا منه أو حاولوا تأجيله لبعض الوقت..!
نافذة على الحدث -عبد الحليم سعود