ثورة أون لاين- دينا الحمد:
صبت نتائج الخامس من حزيران عام 1967 في مصلحة الكيان الصهيوني، فاحتل نتيجة عدوانه الغادر على العرب الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والجولان العربي السوري، لكن السؤال الذي يلقي بظلاله اليوم، وبعد مرور أحداث كبيرة وحروب عديدة في المنطقة انتصرت فيها سورية وحلفاؤها، هل مازالت نتائج النكسة على حالها أم إن المشهد في منطقتنا انقلب جذرياً؟!.
للإجابة عن هذا السؤال الهام لا نحتاج إلى كثير عناء للبحث والتقصي، فالكيان الغاصب بات بعد سنوات قليلة من النكسة يتجرع الهزيمة تلو الأخرى، فتلقى في حرب تشرين التحريرية هزيمة مدوية بعد أن ذهبت أسطورته المزعومة (التي لا تقهر) في مهب الريح، وباتت سورية ومحور المقاومة منذ عام 1973هم من يمتلكون زمام المبادرة ويصنعون حاضر المنطقة ومستقبلها؟!.
صحيح أن وقع النكسة كان وقعاً ثقيلاً على الأمة العربية في ذلك التاريخ، وآثارها المدمرة كانت أكبر مما يتوقعه العدو الصهيوني نفسه، وصحيح أيضاً أن العديد من الدول العربية تتعرض اليوم لأكبر عدوان في تاريخها الحديث وكأنها تعيش نكسات متتالية بسبب السياسات الغربية الداعمة للإرهاب والفوضى الهدامة التي انتشرت من المحيط إلى الخليج، إلا أن الانتصارات الكبيرة التي حققتها سورية مع حلفائها في محور المقاومة على الإرهاب ومشغليه كانت كفيلة بمحو آثار تلك النكسة المشؤومة وترحيلها من عقول أجيال تربت على المقاومة ورضعت حليب الانتصار والعزة والكرامة.
كانت البداية الأولى لنصر العرب العظيم في حرب تشرين التحريرية، ثم تلقى الكيان الغاصب هزائم كثيرة على يدي الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية كانت محطتها الرئيسية هزيمة الكيان المدوية والمذلة حين انسحب مرغماً من الجنوب اللبناني تحت ضربات المقاومة الموجعة، ثم تم تحقيق نصر كبير آخر على الكيان الغاصب في غزة وانكفائه على ذاته.
بعد ذلك اتجه الكيان الإسرائيلي ومنظومة العدوان بقيادة أميركا إلى اعتماد الأدوات الإرهابية لتحقيق أجنداتهم في المنطقة وخصوصاً بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي، فعاثت تلك الأدوات خراباً وفساداً وقتلاً وتدميراً في ليبيا والعراق وسورية ومصر واليمن وغيرها من بلدان المنطقة على أمل أن يحققوا أهدافهم بشكل غير مباشر، إلا أن محور المقاومة فاجأ العدو بصموده واستراتيجيته في صد الهجمة الشرسة بعد تكبيد أدوات العدوان خسائر فادحة ودحر الإرهابيين من معظم الجغرافية السورية.
اليوم بات الكيان الصهيوني يتجرع السم جرعة تلو أخرى لأن ذاكرة المقاومين باتت تسطر أياماً من البطولات وترسم أحداثاً مفصلية في تاريخ المنطقة وتصوغ سياساتها ومعادلاتها الاستراتيجية بما يواكب ويناسب حجم وتداعيات انتصارات محور المقاومة الذي غير قواعد اللعبة التي كان الكيان الغاصب يديرها قبل ذلك ويوجهها ويتحكم بها في المنطقة استناداً إلى سياسة ومنطق القوة والغطرسة ودعم أميركا والغرب غير المحدود له.
فقد أثبت محور المقاومة، الذي تشكل سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة اللبنانية ركيزته الأساسية، أنه بات على استعداد دائم وبشكل يفوق كل التوقعات تسليحاً وتدريباً وتكتيكاً لإلحاق الهزيمة بالكيان الغاصب في أي حرب يخطط لها هذا الأخير، وهو ما اعترف به العدو حين قال أيهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إن إسرائيل تلقت ضربات موجعة وقاسية وأنها باتت تدفع الثمن باهظاً في حروبها.
فالانتصارات اليوم باتت تتالى على الكيان الصهيوني وتنظيماته الإرهابية التي أسسها مع منظومة العدوان لتدمير الدولة السورية، وخاب ظنهم وانقلب سحرهم عليهم ،أزمات طاحنة تطحن إرهابييهم ومستوطنيهم واقتصادهم ووجود كيانهم السرطاني، فكان وقع تلك الانتصارات التي تكرست لصالح الدولة السورية بعد أن دحر الجيش العربي السوري التنظيمات المتطرفة كبيراً ومدوياً على حكام الكيان العنصريين وفي مقدمتهم الإرهابي العنصري بنيامين نتنياهو الذي يتخبط يومياً في أزماته، وعلى حكام منظومة العدوان جميعهم.
من هنا نرى أن سورية ومحور المقاومة أسسوا بعد انتصارهم على منظومة العدوان والكيان الإسرائيلي وتنظيماتهم الإرهابية لولادة عصر جديد يرتكز على قواعد ومعادلات جديدة تستند وترتكز على احترام سيادة وإرادة الدول بعيداً عن منطق الإملاء والقوة والغطرسة والغرور، غير ذلك العصر الذي كانت تحلم به إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وتعتقدان أن الخامس من حزيران هو بوصلته ومحوره، عصر ملخصه تحطيم أساطير الصهاينة وكتابة زمن التحول الكبير الذي يطوي فصول النكسة وآثارها