ثورة أون لاين- فؤاد الوادي:
لم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على سورية في هذا التوقيت تحديدا مفاجئا، بل كان متوقعا في ظل حالة الهلع والهستيريا التي تسيطر على الكيان الصهيوني نتيجة الفوضى والتوترات التي تجتاح الولايات المتحدة حليفته وشريكته في الإرهاب والقتل والمشاريع الاحتلالية والاستعمارية.
لقد كانت تداعيات وإرهاصات الاحتجاجات والتظاهرات التي تعم الولايات المتحدة منذ أكثر من أسبوع على خلفية جريمة مينيابوليس العنصرية، سريعة الأثر داخل الكيان الصهيوني، وهذا ما عبرت عنه بشكل صريح كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تواترت على القول :(إن “اسرائيل” تشعر بقلق وخطر بالغ نتيجة التوترات التي تجتاح أميركا)، وهذا القلق والهلع هو أمر طبيعي بالنسبة للكيان الغاصب الذي يتكئ ويعتاش على الدعم والمساندة الأميركية التي لولاها لكانت مرمية في زاويا التاريخ المظلمة.
من هنا يبدو السعي الإسرائيلي للحضور إلى واجهة الأحداث، حاجة ضرورية للكيان الصهيوني وذلك لعدة أسباب: أولها إن هذا التصعيد يندرج ضمن المحاولات الإسرائيلية لتبديد حالة الخوف التي تعتري الشارع الصهيوني برمته نتيجة الفوضى التي تعم الولايات الأميركية، وهو خوف في خلفياته ومراميه له دوافع كثيرة من بينها التوجس الإسرائيلي من انتقال عدوى تلك الاحتجاجات المناهضة للعنصرية والتطرف إلى مناطق عديدة في العالم الغربي، الأمر الذي قد يشرع الباب واسعاً على جرائم “إسرائيل” الإرهابية والعنصرية بحق الشعب الفلسطيني، لاسيما وأنها تمتلك تاريخاً أسود في هذا الشأن، لذلك نجدها في أعلى مستويات ودرجات اضطرابها وهلعها عندما تكون هناك مواقف أو انتقادات أو احتجاجات حقيقية مناهضة للإرهاب والعنصرية والتطرف.
ثاني هذه الأسباب هو المحاولة الإسرائيلية لإثبات أنها لا تزال حاضرة وبقوة في المشهد،وأن ما يجري في أميركا لا يؤثر عليها، وهذه رسالة موجهة بشكل خاص إلى محور المقاومة، غير أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، ذلك أن مسارعة نتنياهو للقيام بهذا التصعيد غير محسوب العواقب عبر العدوان على مواقع عسكرية في سورية والتحليق لساعات طويلة في الأجواء اللبنانية، يعكس الهلع الكبير الذي يعتري الكيان الصهيوني من كل التحولات والتغيرات التي تفرض حوامل وقواعد جديدة للاشتباك من شأنها أن تشكل حالة ردع وتصدع لمعسكر الإرهاب والحرب على سورية.
المشهد الأميركي المقلق للكيان الصهيوني هو امتداد لتحولات المنطقة التي باتت تشكل هي الأخرى كابوساً مخيفاً له، بدءا من انتصارات الميدان التي لا تزال تحققها دمشق وحلفاؤها، ومرورا بانتصارات الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كان آخرها (انتصار ناقلات النفط) الإيرانية بعد وصولها إلى فنزويلا برغم التهديدات الأميركية، كذلك حالة الصراعات والاحترابات التي تجتاح التنظيمات الإرهابية التي يدعمها الكيان الإسرائيلي وشركاؤه وحلفاؤه في منظومة الإرهاب.
ضمن هذا السياق يبدو العدوان الإسرائيلي في هذه اللحظة الاستثنائية، وكأنه استعراض ساقط للغطرسة فوق تمثال الحرية الأميركي الذي أسقط الشعلة من يده وحمل بدلاً عنها سيف (داعش الإرهابي ) ليجز رؤوس الأميركيين ويوجه رصاصة الرحمة إلى الحرية الأميركية المزعومة التي هتكت بواسطتها ومن خلالها الولايات المتحدة كل الحقوق والحريات والديمقراطيات في العالم.