ثورة أون لاين – زينب العيسى:
العنصريّة الممنهجة في أميركا باتت أكثر وضوحا على الرغم من محاولات التجميل السياسي داخليا وخارجيا لمظاهرها، فأخذت تطفو على السطح مع صعود ترامب للحكم ولتأتي خطاباته السياسية بمثابة صب الزيت على نار الاحتجاجات خاصة أن منطقه القائم على أن الحلّ الوحيد لإنهاء التظاهر هو القمع واسع النطاق للمتظاهرين الذين رفعوا شعارات ضد الجرائم العنصرية التي تمارسها السلطات الأميركية كلما سنحت لها الفرصة على الرغم من أن قانون الحقوق المدنيّة، الصادر في عام 1964 في الولايات المتحدة ، يحظر أي تمييز على أساس “العرق أو اللون أو الدين أو الأصل القومي”.
مشروع القانون هذا هو نتاج الحركات الاجتماعية والعصيان المدني الذي قام به ذوو البشرة السوداء بين عام 1955 حتى عام إقرار القانون المذكور وظلّ ترامب ومستشارو حملته يحاربون القانون من خلال سياستهم الداخلية منذ عام 2016 عبر دعم القومية المتطّرفة وكسب أصوات البيض الذين يعارضون دخول السود أو العرقيات الأخرى في السياسة أو هجرة الأقليات إلى الولايات المتحدة الأميركية.
ومع بدء الاحتجاجات التي عمّت الشوارع الأميركية أظهر ترامب قلقه حول الانتخابات في نبرته الخطابيّة، ومن أجل إرضاء ذوي البشرة البيضاء المتطرّفين الداعمين له، وصف ذوي البشرة السوداء “بالمشاغبين” و “لصوص الممتلكات العامة”، حيث كانت هذه الكلمات كافية لخلق موجة قوية من الاحتجاجات والقمع في نفس الوقت.
ترامب وبدلاً من الاعتذار وتهدئة الوضع كتب في رسالته الأخيرة على تويتر: “أهنّأ الحرس الوطني لما فعله الليلة الماضية فور وصوله إلى مينيابوليس، فقد تمّ قمع المشاغبين اليساريين في الحركة المناهضة للفاشية (أنتيفا) وغيرهم بسرعة ، حيث كان يجب أن يتمّ ذلك من قبل رئيس البلدية في الليلة الأولى حتى لا تكون هناك مشكلات.
السيناتور الديمقراطي الأميركي “كريس ميرفي” كتب على موقع تويتر حول هذا الخصوص: “كان لدى الرئيس الأميركي الفرصة لمحاولة استعادة الهدوء إلى البلاد ، لكنّه فعل العكس تماماً، ولسوء الحظ ، كما كان متوقّعاً، فقد اختار صبّ الزيت على النار.”
ومن جهة أخرى رأى خبراء أميركيون أن احتجاجات الولايات المتحدة إثر مقتل مواطن من أصل إفريقي نتيجة عنف الشرطة، هي عبارة عن انتفاضة ضد الرئيس دونالد ترامب، وسياساته المحرّضة على ممارسة العنف.
كما حمّل خبراء الأوضاع المتدهورة في البلاد إلى شخصية ترامب التي لا تراعي المؤسسات والقيم والأيديولوجيات، وتضع البلاد في أزمة سياسية مدمّرة.
كذلك اعتبر هؤلاء الخبراء أن الهيكل التنظيمي لمؤسسة الشرطة الأميركيّة منذ تأسيسها أواخر القرن الثامن عشر، وممارساتها عقب الحرب الأهلية في ستينيات القرن الماضي، جزء من المشكلة العنصريّة القديمة المتجددة ضدّ السود.
ولا تزال الاحتجاجات متواصلة حتى هذه اللحظة، ويبقى السؤال هل يمكن النظر إلى موقف ترامب من الأزمة ومفاقمته للشرخ الاجتماعي على أنها وسيلة لبقائه في السلّطة؟ أم أن ترامب يحفر قبره سياسيا بيديه…؟