الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
في خضم الحرب العالمية الثانية، كتب هنري ميللر مقالة بعنوان «عن الحرب والمستقبل». تنبأ فيها بحزن: «في المستقبل لن تكون هناك إلا حروب عالمية». لقد كانت النبوءة مغرقة في صدقها؛ ها هو العالم يغوص في مستنقع حروبه.
وتحاول سوزان سونتاغ أن تفهم لماذا يقيم الناس الحروب رغم أنها ترعبهم وتصيبهم بالجنون، وتقول: «إننا لا نستطيع أن نتخيل كم أن الحرب مخيفة ومرعبة، وكيف تصبح شيئاً عادياً! لا يمكننا أن نفهم! لا نستطيع أن نتخيل!».
بالنسبة إلى الفنان، فإن الحروب لن تصبح شيئاً مألوفاً وعادياً. ستبقى الحرب مرعبة، وربما تودي به إلى الانتحار أو الجنون. وهذا ليس لأن الفنان ضعيف وهش، وإنما لأنه يتغلب على الإنسان العادي في قدرته على العيش في عالم الخيال، كما يرى فرويد.
لقد غادرت فرجينيا وولف الحياة، لأنها لم تعد قادرة على الصمود أكثر في وجه العنف الإنساني. وفي الحقيقة، فإن الحرب قد أفقدتها روحها الطفولية التي كانت ترافقها، لأنه كما يقول فيكتور هوغو: «سر العبقرية هو أن تحمل روح الطفولة إلى الشيخوخة، ما يعني عدم فقدان الحماس أبداً». ولأن روح الطفولة قد تم اغتيالها في كل من فرجينيا وولف وسليفيا بلاث وإرنست همنغواي وكثيرين آخرين، فقد شعروا باكتئاب قاتل وفقدوا حماسهم للحياة، أو ربما فضلوا الرحيل على أن يفقدوا طفولتهم، التي تميزهم، والتي كانت السبب في إتحافنا بأعمال عظيمة، لا يمكن نسيانها.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء9-6-2020
رقم العدد :1001