ثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
بين استشعار الخطر وقراءة ما بين السطور وما خلف الأكمة، يبرز التحدي الأكبر أمام الوعي الوطني، في اختبار تضفي عليه نجاحات التجارب ونداءات التاريخ واستحقاقات اللحظة الكثير من التميز والاستثنائية، لاسيما عندما يغدو الوطن في دائرة الاستهداف المتكرر، والطعن بكل ما يخص الحالة الوطنية التي بدت متماسكة جداً خلال سنوات الحرب الماضية، برغم كل المحاولات المحمومة لضربها واستهدافها وتشويهها.
في الحروب والأزمات يبرز التحدي الأكبر لوعي الإنسان، خاصة ذلك الوعي الذي يصب في خانة الوعي الوطني الجامع الذي يجب أن يرتقي بمصلحة الوطن ويعليها فوق المصلحة الشخصية التي يجب أن تذوب بالمطلق في خدمة المصلحة العامة، وهذا بحد ذاته منتهى وذروة القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية.
في قراءة الظرف التاريخي الذي يلف الوطن بشكل خاص والمنطقة والعالم على وجه العموم، لابد لنا من إضاءة واسعة ومن كل الزوايا على القيمة والحاجة الضرورية للوعي الوطني الشامل في هذه اللحظة الاستراتيجية الهامة، ولابد لنا أيضا أن نضع أيدينا على مصادر القوة والصلابة، وهذا كله من باب المسؤولية والأمانة والتاريخية والوطنية والأخلاقية وفاءً لصمود شعبنا العظيم وانتصارات جيشنا البطل ودماء شهدائنا الأبرار.
إن الشائعات التي نسمعها من هنا وهناك، لاسيما من تلك الفضائيات والمحطات المستعربة والصهيونية التي كانت ولا تزال تعمل على استهداف صمودنا وانتصاراتنا ومعنوياتنا، نواجهها اليوم ضمن بوتقة العمل الوطني المشترك، حيث يبرز التحدي الأول لنا جميعاً في إدارة الظهر وصم الآذان عن كل ما من شأنه التشويش، ليس هذا فحسب، بل علينا جميعاً المسارعة إلى تكذيب كل المعلومات القادمة من تلك المصادر الموبوءة بالخيانة والعمالة، وهذا يكون بالدرجة الأولى من خلال الانصياع العقلي الكامل لكل ما يصدر عن مؤسساتنا الوطنية الإعلامية والرسمية ومواصلة صيرورة الحياة بشكل طبيعي جداً، بعيداً عن كل الأضاليل والشائعات الكاذبة ، فنحن اليوم نستند على انتصاراتنا الميدانية والسياسية لتعزيز كل مظاهر التفاؤل ورفع المعنويات، لاسيما ونحن نخوض معركتنا الأخيرة مع الإرهاب والدول الداعمة والحاضنة له.
لطالما كان تشويه الحقائق والواقع وبث الشائعات والأخبار الكاذبة احد أهم أسلحة الحرب، و هو جزء لا يتجزأ من محاولات استهداف الحالة الوطنية المتماسكة جداً، ويجب الانتباه جيدا إلى معالجته عبر تعزيز الثقة بمؤسسات الوطن ومصادره الرسمية التي أثبتت مصداقية عالية خلال سنوات الحرب الماضية.
إن الوعي الوطني لن يتجسد بشكل فاعل إلا إذا انتقل من حالة الثقافة والمعرفة العامة إلى حالة الثقافة والمعرفة المسؤولة والأمينة التي يجب أن تأخذ بالحسبان كل الحوامل الوجودية للوطن، بدءاً من الإنسان والمكان، وليس انتهاء بالهوية والتاريخ والمستقبل في انسجام يعكس حقيقة الولاء والانتماء والتضحية.
كل محاولات أعداء الشعب السوري لضرب تلاحمه ووحدته الوطنية والأهم لضرب وعيه الوطني، باءت وستبوء بالفشل، وهذا الأمر بقدر ما أصاب تلك الأطراف بالإحباط واليأس وبكثير من الهستيريا والتخبط، بقدر ما جعلهم أشرس وأكثر تشبثاً في البحث عما كل ما من شأنه ضرب الحالة الوطنية واستهدافها بكل الوسائل والأسلحة، ومنها سلاح التشكيك بما يصدر عن مؤسسات الدولة.
حقيقة هامة يجب أن ندركها جميعاً في هذا الظرف التاريخي الهام وهي أن الوعي الوطني هو جزء لا يتجزأ من أمننا الوطني، الذي يجب أن يكون – أي وعينا الوطني – على قدر عال من الكفاءة والنضج بما يواكب الحرب الشرسة التي نتعرض لها ، فالمطلوب اليوم تحصين وصون وحماية جبهتنا الداخلية التي يشكل وعينا الوطني درعها المتين، وهذا يكون ببث وتعزيز روح التفاؤل والأمل والتركيز جيدا على تحريك عجلة الإنتاج الوطني بأقصى درجاتها.