ثورة أون لاين – غصون سليمان :
تكتسب العلاقات الأسرية أهمية بالغة في حياة المجتمع لما للروابط العائلية الصحيحة من تأثير إيجابي وفعال في حياة الناس العملية .فالأسرة هي الموجه والمعلم واللاعب الأول في تغيير الميول والقناعات والاهتمامات نحو الأفضل أو عكس ذلك،من هنا ندرك أهمية المناخ الأسري السليم الذي يلعب دورا مهما في اشباع الحاجات النفسية للأبناء لاسيما في المراحل المبكرة لنموهم .
فقد زادت من أهمية العلاقات الأسرية بالنسبة للنمو والصحة النفسية التغيرات التي طرأت على نمط تركيب الأسرة ووظائفها في الآونة الأخيرة وفق ما أشار إليه الدكتور معمر نواف الهوارنة “جامعة دمشق”الذي يرى أن انشغال الأب بمضاعفة الدخل لسد حاجة أسرته وتحسين وضعها الحياتي جعلته يقضي معظم وقته خارج المنزل،وكذلك عمل الأم أدى إلى حرمان أطفالها من رعايتها وحنانها في وقت هم أحوج مايكونون إلى ذلك،
ويشير الهوارنة إلى دور الأسرة الكبير في مساعدة الأبناء على التكيف السليم للوسط الذي يعيشون فيه،والتعرف على أنماط السلوك الطبيعي والسلوك المنحرف الذي يعرقل هذا التكيف،فالأسرة برأيه هي أعظم قوة في تكوين العقل والأخلاق وبالتالي يجب ألا يحرم منها الطفل لأسباب قاهرة،إنها الرحم الاجتماعي الذي يتلقى الوليد البشري من رحمه البيولوجي ليقدم له الأمن والحماية والرعاية،ويزوده بأساليب التنشئة،ووسائل التوافق مع الحياة.
وعن كيفية إشباع الحاجات النفسية للأبناء يوضح الهوارنة أن الأسرة هي الجماعة الأولية المسؤولة شرعيا وقانونيا واجتماعيا عن رعاية أبنائها وإشباع حاجاتهم الأساسية والثانوية ،من طعام وشراب ورضاعة والتي تعزز الحماية النفسية والاجتماعية في حياة الطفل.ولعل الأهم في هذا السياق هو حاجة الشعور بالأمان العاطفي،بمعنى أن يشعر الأبناء بأنهم محبوبون كأفراد،ومرغوب فيهم لذاتهم وأنهم موضع حب واعصزاز الآخرين،وهذه الحاجة تظهر مبكرة في نشأتها وخير من يقوم باشباعها هما الأب والأم.
كذلك تشبع الأسرة من وجهة نظر الهوارنة حاجة الأبناء الشعور بالمركز الاجتماعي من خلال اعترافها بالطفل وتقديرها له، وتعزيز مفهوم الانجاز لديه عن طريق تشجيع الأبناء على رسم مستويات طموح معقولة ،تتفق وقدراتهم وامكانياتهم الذهنية ،لافتا أن الأسرة بتكوينها الجمعي تعزز احترام الذات لدى الأبناء ، وحب المعرفة والرغبة في الاطلاع،عن طريق تقديم المعارف والمعلومات الصحيحة،البسيطة بأسلوب شيق وممتع، يساهم بعملية الخلق والإبداع والاكتشاف.