لدى الدولة السورية الكثير من الأملاك العامة ومصادر الدخل لم تكن ملتفتة إليها، ولم تكن مستثمرة في مرحلة الرخاء قبل الأزمة، والعودة اليوم إليها غاية في الأهمية لزيادة موارد الدولة، وحتى لو احتاج الأمر لنصوص تشريعية جديدة.
على سبيل المثال مديريات الأوقاف لديها ملكيات كبيرة ومكاتب ومحال تجارية مؤجرة بقروش وملاليم، فما الذي يمنع من استثمارها بالشكل الصحيح والاستفادة من عوائدها وفقاً للغايات التي أوقفت من أجلها، وليس بالضرورة لخزينة الدولة، المهم يكون لها انعكاس اجتماعي، والأمر ينسحب على أملاك الوحدات الإدارية والخط الحديدي الحجازي، وغير ذلك من الأملاك والكنوز.
المطلوب اليوم العودة إلى هذه الكنوز واستثمارها بشكل صحيح، وبما يزيد من موارد الخزينة، ويحسن أحوال الناس، ويجب أن نتجاوز حسابات مسألة عائديتها بشكل مباشر للخزينة، ونركز على عائديتها العامة وانعكاسها على المجتمع، فعندما تستطيع شركة أو شخص تشغيل منشأة متوقفة منذ سنوات طويلة، يجب ألا تقف الجهات المعنية عند عائديتها من هذا التشغيل، وإنما عند إنتاجها وتشغيلها لليد العاملة وتوفير سلعة معينة، وبعد عشرة أو خمسة عشر عاماً تعود المنشأة للدولة جاهزة، أليس ذلك أفضل من أن تبقى متوقفة لعشرات السنين، ينخرها الصدأ، ويكلف ترحيلها مبالغ كبيرة؟
العودة إلى الكنوز يختلف عن العودة للدفاتر العتيقة التي تغلفها حسابات ومحاسبات ومحسوبيات حالت حتى اليوم دون استثمار عشرات المنشآت المتوقفة وآلاف العقارات المهجورة، وإنشاء مئات الاستثمارات.
العودة إلى الكنوز لا تحتاج إلا إلى غيرة وبعض التشريعات وحماية من أجهزة رقابية امتهنت العمل المجهري لكشف الخلل الصغير المُرتكب بقصد أو من دون قصد من موظف بسيط، دون أن تكلف نفسها النظر إلى الأعلى لكشف حالات الفساد المعلنة، وعملت في بعض الأحيان بتوجيهات من الفاسدين أنفسهم، فأغرقت مؤسسات وأوقفت أخرى.
الاستثمار والبحث عن الموارد يحتاج إلى بيئة مناسبة لم توفر الإدارات حتى اليوم أدنى متطلباتها.
على الملأ – بقلم مدير التحرير معد عيسى