بشهادة العالم أجمع إن أميركا ترامب تلفظ أنفاسها الأخيرة، ويقودها رئيسها الأرعن بسرعة كبيرة نحو الهاوية أو هي سقطت في الهاوية ولم يبقَ إلا ارتطامها بالقاع لتتهشم إلى غير رجعة حتى مع إدارة جديدة ومحاولات بائسة لانقاذ ما يمكن انقاذه.
أميركا هذه ومعها حلفاؤها الأوروبيون وأتباعها العربان، إذا كان من المأمول أن تتشارك مع القوى الصاعدة روسيا والصين في وقت سابق، لن يعود لها أي تأثير في قادم الأيام بعد تتالي الهزائم التي لحقت بها في كل الدول التي تدخلت بها مباشرة أو عبر أدوات أخرى لم تكن تعي ماذا تفعل سوى العبودية الالتحاقية بالسياسة الرعناء للدولة العميقة ولدولة المؤسسات.
وجاءت كورونا لتكشف مدى هشاشتها رغم خبثها في التعامل من اجل انقاذ اقتصادها، ثم جاءت قضية الأميركي – الأفريقي جورج فلويد التي هزت عروش الطغاة، وأحالت الدولة الأكثر تماسكاً إلى دولة مهددة بالتفكك، وقد بدأت ملامحه تظهر بعد سيطرة المناهضين على مدينة سياتل بولاية واشنطن، التي تشي بأن مدناً أخرى سوف تتبعها.
وما لجوء ترامب إلى تطبيق قانون قيصر على سورية بهدف تجويع شعبها وتركيعه إلا محاولة غبية وبائسة وتدل على أن هذا الكائن فقد كل مقومات البقاء حتى لاستكمال ولايته الأولى، فكيف بالثانية التي يسعى اليها بشتى الوسائل.
فهذا الرجل إذا كان لا يعرف قراءة المشهدية في العالم، فإن لديه من المستشارين من يجب أن يوعز له بأن مثل هذا العمل لن يقدم أو يؤخر في الدور السوري العروبي، فهذا الشعب وهذه القيادة التي صمدت لنحو عشرة أعوام دون كلل أو ملل ضد أعتى مؤامرة في التاريخ شاركت فيها أكثر من 80 دولة، وهاهي على أبواب النصر النهائي بعد تحرير آخر شبر من أراضيها وطرد ودفن آخر إرهابي ومحتل، هذه الدولة لن ترضخ لقانون لا يمكن تطبيقه خصوصاً وأن أميركا تعرت من ملابس الشرطي القذر في المنطقة. فسورية لن تتأثر بشيء حتى لو كانت وحدها، فهي الدولة التي اعتمدت الاكتفاء الذاتي وما زالت ممسكة بزمام الأمور حتى في المناطق التي يسيطر عليها الارهابيون أو تحتلها أميركا، فكيف إذا كانت مدعومة من الصين وروسيا وإيران وهي الدول التي تستبق القرار احتياطاً وبدأت ترسل إلى سورية عشرات السفن المحملة بالمواد الغذائية. وهذه الدول التي تحدت أميركا في البحر الكاريبي لن تكون عاجزة عن تحديها في البحر المتوسط.
إن قاعدة “من يتحكم بلقمة عيشك يخضعك بسهولة” اعتمدتها أميركا ضد سورية انتقاماً لهزيمتها في مواجهتها، ومنعاً لها ولحلفائها من استثمار الانتصار والانصراف إلى تنظيم وتنفيذ متطلبات مرحلة ما بعد الحرب، والتي تستوجب مراجعة الوضع السياسي والعسكري الذاتي والتحالفي، والانطلاق إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب العدوانية.
إن “قانون قيصر” الإرهابي سيصيب بآثاره البشعة دول الجوار السوري وفي طليعتهم لبنان الذي سيجد نفسه إذا طبق القانون معزولاً عن البر كلياً ما يزيد من أزماته الاقتصادية والمعيشية والمالية، فهو سلاح عدوان اقتصادي تشهره أميركا بوجه كل من ساهم في انتصار سورية ورد على ما قاله الرئيس الأسد بأن أي دولة ساهمت في تدمير سورية لن يكون لها دور في إعادة إعمارها، ما يفرض على الجميع التعاون والتكامل والتنسيق لخوض معركة دفاع اقتصادي عن الذات وعن سورية.
وإن غداً لناظره قريب…
معاً على الطريق – د. عبد الحميد دشتي