فتحي هو النحات السوري القدير فتحي محمد (قباوة) المولود في حلب عام 1917، والذي يُعّد رائد فن النحت السوري المعاصر. كان شغوفاً بالفن منذ صغره فباع كل ما يملك، ورهن البيت الذي كان يقيم فيه، كي يسافر لدراسة الفن التشكيلي في القاهرة. وضعته هذه الخطوة على شفا أزمة مالية شديدة لولا استدعائه إلى حلب لعمل تمثال (أبو العلاء المعري) المحفوظ في متحف حلب، وتوجد عنه نسختان إحداهما في الحديقة التي تحمل اسمه في قمة شارع الجلاء (أبو رمانة) بدمشق، والثانية كانت في مدينته معرة النعمان.
انتقل من جامعة القاهرة، إلى جامعة روما عندما أرسلته بلدية حلب في بعثة للدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة بروما التي قال عنه عميدها : «كان يملك مواهب عظيمة، مصحوبة بحب فائق للفن، مع كمٍ كبير من الأخلاق والشيم، وتواضع، ومواهب تجعله شخصاً فريداً وعظيماً في صفاته الروحية الفذة».
تعود أعمال فتحي محمد الأقدم لأواخر الثلاثينات ومنها تمثال نصفي لإبراهيم هنانو (قائد ثورة الشمال السوري ضد الاحتلال الفرنسي). وكان أول فنان سوري يكلف بعمل لوحات جدارية نحتية في معرض دمشق الدولي عام 1954، وفي عام 1958 استدعي إلى دمشق ثانية لعمل تمثال الشهيد (عدنان المالكي) الذي أبدع في نحته، ثم بدأ صراعه مع المرض حتى توفي في العام ذاته تاركاً وراءه آخر تمثال له (سعد الله الجابري)، وإضافة إبداعية ومعنوية عالية لفن النحت في سورية. اطلق اسمه على مركز الفنون التشكيلية في حلب، ويوجد اليوم على (فيسبوك) صفحة جديرة بالتقدير باسم (جمعية أصدقاء فتحي محمد للفنون التشكيلية) يتم فيها التعريف بأعمال الفنانين التشكيليين، والسوريين خاصة.
أما وحيد فهو الفنان الحلبي القدير وحيد مغاربة المولود عام 1942 والذي أقام أول معرض له في مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية بحلب عام 1961، ونال عام 1970 جائزة مهرجان القطن في حلب. سافر إلى روما عام 1975 لدراسة التصوير، وفي العام التالي نال جائزة التوجيه الفني والصناعي في روما، ثم جائزة صحيفة الصباح (بابادوميتزيا) عام 1977. وفي عام 1978 نال إجازة في التصوير بدرجة امتياز من أكاديمية الفنون الجميلة بروما، وخلال السنوات العشر التالية أقام العديد من المعارض الفردية في إيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية في أوروبا. وساهم في الرسوم التوضيحية لمجلتين ،كانتا تصدران في لندن في الثمانينات، كما أنجز رسوم عدد من الكتب التراثية أبرزها كتاب تاريخ الطب عند العرب الذي صدر في باريس للدكتور سلمان قطاية. وإضافة إلى مشاركته في المعارض الجماعية في دمشق وحلب واللاذقية، أقام أكثر من عشرين معرضاً فردياً، منها معرض في صالة تشرين بحلب ضمن احتفال أقامه مجلس محافظة حلب عام 2001 لتكريمه، نال الميدالية الذهبية لمهرجان المحبة في اللاذقية، وجائزة مجلس مدينة حلب للإبداع الفكري والفني عام 2002. وقبيل رحيله بوقت قصير تم تكريمه في افتتاح الأيام التشكيلية السورية الأولى عام 2018. اتجه بتألق نحو عوالم الحداثة والتجريد مستنداً إلى التراث البصري المحلي ليصنع ما يمكن وصفه بالمنمنمة المعاصرة.
على صفحة (جمعية أصدقاء فتحي محمد للفنون التشكيلية) المشار اليها، نُشرت قبل نحو شهر صورة للراحل كتب معها « لوحة أبو بكر الرازي – مدرج كلية الطب -عمل الفنان الراحل وحيد مغاربه». والحقيقة أن اللوحة منسوخة عن لوحة للفنان الأميركي روبرت ثوم المتخصص برسم اللوحات التاريخية وفق الطلب، وهي ضمن سلسلة من 45 لوحة تصور تاريخ الطب، وتضم أيضاً لوحة تصور ابن سينا أنجزها ثوم عام 1958 بتكليف من شركة بارك – ديفيس . وقدمت مجلة (العربي) صورة عنها كهدية لقرائها مع أحد أعدادها السنوية أواخر الستينات.
لا أعرف إن كان الفنان وحيد مغاربة هو من نسخ اللوحة أم غيره، فالكتابة الموجودة على البطاقة المعدنية أسفل اللوحة غير واضحة في الصورة. وأرجو في حال لم تكن هذه المعلومة واردة فيها، أن يتم استدراك الأمر، والإشارة أيضاً إلى أصل اللوحة.
ليس لأجل التوثيق فقط، وإنما للحيلولة من استغلال الأمر في يوم ما للإساءة إلى سمعة الفنان مغاربة وتاريخه الثري.
سعد القاسم – إضاءات