الابتزاز السياسي في مخالب “قيصر”.. من بوش لترامب حروب بالإرهاب والعقوبات!

 

ثورة أون لاين – عزة شتيوي:

من يتابع سياسة واشنطن تاريخياً تجاه دمشق يدرك أن العقوبات لطالما كانت وسيلة الضغط الأميركي على سورية خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي، الذي تشكل فيه سورية الرقم الصعب أمام الكيان الصهيوني..فكانت حالة العداء الأميركي لسورية مرتبطة بمقاومة دمشق للاحتلال الصهيوني ورفضها لسلام الجبناء.

لواشنطن تاريخ أسود في العقوبات بدأت مرحلته الأشرس بعد أحداث 11ايلول وغزوها العراق وتسبّبها باستشهاد ما يقارب مليون ونصف المليون عراقي، آنذاك طلب وزير الخارجية الأميركي كولن باول من سورية قطع علاقاتها مع المقاومة والانخراط في المحور المطبع مع “إسرائيل” في المنطقة، إلا أن دمشق رفضت وكان ردها قوياً بمضاعفة دعمها للمقاومة أينما نبتت في فلسطين ولبنان.

فتعمدت واشنطن زيادة حصارها الاقتصادي على سورية، وحاولت تشويه صورتها الدولية وزجها بملفات إقليمية، وأثارت الفتن بينها وبين جيرانها خاصة في لبنان، إلا أن كل ما فعلته واشنطن انقلب عليها، فخرجت سورية من كل المؤامرات عليها أقوى، ولمعت صورة المقاومة أكثر بعد انتصار تموز….فجاءت كونداليزا رايس تبث شعوذتها (بالفوضى الخلاقة) وتعلن مشروعا أميركيا يهدف لإنهاك المنطقة وإعادة ترتيبها على (الذوق السياسي) في البيت الأبيض ووضع سورية في دائرة الخطر والحرب حتى توافق على طلبات واشنطن ومن ورائها “إسرائيل”.

ولا أحد ينسى في عام 2011 عندما قالت وزيرة الخارجية الأميركية أن اندلاع الأزمة في سورية سببه رفض دمشق توقيع اتفاقية (سلام )مع “إسرائيل”.

فقامت واشنطن ومعها الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ومقاطعة سورية واستحوذت بعملائها على الجامعة العربية، ومولت مع وكلائها في المنطقة الإرهاب وأنشأت ومولت تنظيمي “داعش والنصرة”، دعمتهما بالمال والسّلاح والتغطية الإعلامية، وأدخلت عشرات الآلاف من الإرهابيين من جنسيّات مختلفة إلى سورية عبر تركيا، بتغطية أميركية كاملة.

بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما واللاحق دونالد ترامب أقدمت واشنطن على طعن المنطقة بكل ما أوتيت من إرهاب وعقوبات، لدرجة أن واشنطن طالبت بحضور متزعمين إرهابيين على طاولة المفاوضات الدولية حول سورية، لكن تمكنت سورية والحلفاء من تطهير أراضيها من الإرهاب وصمد شعبها في وجه العقوبات والقذائف .. فكان العجز الأميركي حين فشلت إدارة البيت الأبيض فشلاً ذريعاً في إسقاط الدولة السورية، فعمد ترامب إلى احتلال مناطق في الجزيرة السورية وسرقة الثروات النفطية، ومنعت واشنطن بعض الدول العربية من إعادة العلاقات مع سورية لزيادة الضغط عليها، وتحقيق مطالبها التي قالتها علانية في عام 2003.

تحاول واشنطن إطالة أمد الحرب على سورية وأداتها اليوم “قيصر” الإرهابي الذي أكثر ما يستهدف حلفاء سورية.. حين فشل ترامب في المواجهة العسكرية لمحور المقاومة عبر وكلائه الإرهابيين وحتى الإقليميين، فما ينتظره مثلاً رجب اردوغان من احتلال الشمال السوري وتمرير أهداف ترامب لن يحقق له طموحه الإخواني بعودة السلطنة البائدة، والرجل العثماني المريض لن يتعافى بعد انقضاء مئة عام ليعيد توسّعه، معتقداً أنه سيتمكَّن من الاستمرار في أهدافه الاستعمارية من خلال إنشاء قاعدة له في قطر والصومال وغزوه ليبيا.

فملامح اردوغان السياسية تقول إنه الخاسر الأكبر من حربه الإرهابية على سورية .. والدليل ارتباكه الدائم في ادلب، وارتباكه الإقليمي أيضا، فمعظم دول المنطقة ترفض سلوك اردوغان الإخواني ومحاولاته المكشوفة للتوسع خاصة في ليبيا، في حين تمقته الدول الأوروبية أكثر بعد تهديده لها بورقة اللاجئين، وهو ما يبشّرنا بسقوطه قريباً… من دون أن يستفيد من انعكاسات ما يسمى قانون “قيصر”.

من الواضح أن العقوبات ترمي بثقلها على المنطقة والعالم، إلا أن الدول الحليفة لسورية لا تنظر بعيني ترامب إلى “قيصر” ولا تخشى تداعياته خاصة روسيا وإيران، وقد تمتلك موسكو سياسة باردة في التصريحات لكن هناك ما يغلي تحت ثلجها من قرارات، ترفض التهور الأميركي والمهادنة معه أيضا، فالكرملين اليوم يرى في روسيا قطبا عالميا لا تقوى واشنطن على تهديده، وقد أثبت معيار المنطقة وخاصة سورية صحة هذا الأمر، لذلك لا نعتقد أن عقوبات ترامب التي جعلها مطاطة ستطول روسيا أو تتجرأ على ذلك، والحال ذاته في إيران وإن كان مختلفا إلا أن نتائجه مشابهة…فترامب يبحث عن حجة أخرى للعقوبات للضغط على طهران وإجبارها على الرضوخ لمطالبه، فجاء إجراء “قيصر” العدواني وكأنه حرب اقتصادية أخرى على طهران، إلا أن موقف إيران ومبادرتها بالإعلان عن دعمها سياسياً وعسكرياً وفي جميع المجالات لسورية كان بمثابة تحدٍ لواشنطن خاصة أن طهران الحليف القوي يدرك بأن سورية هي صمام أمان المنطقة ومعيار توازناتها.

كل الدول تتأهب لمواجهة “قيصر” الذي يسعى به ترامب للسيطرة خاصة على لبنان، فتطبيق “قيصر” يعني حرمانه من المنفذ الوحيد لبضائعه عبر سورية التي تشكل رئته الاقتصادية، لذلك يسعى هذا البلد الشقيق لتوسيع مروحة خياراته بالتوجه نحو الشرق عوضا عن الغرب الذي سيعاقبه، والبحث عن مخارج من عقوبات تهدد اقتصاده وتستهدف سلاح مقاومته، ويسعى من خلاله عملاء أميركا فيه لإجباره على ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني.

ما هو قانون قيصر؟

مع تطبيق قانون قيصر سلطت وسائل الإعلام الضوء عليه دون تفنيد اللاشرعية لمثل هذه القوانين والتي باتت سياطا اقتصادية تنتهك فيه أميركا الشرعية الدولية، مستندة لسلطة الدولار لديها، لكن الصين ووفق ما تطرحه اليوم من إمكانية العملة الالكترونية قد تقضي على هذه السلطة وقد يسرع “قيصر” من تحرك بكين في هذا الاتجاه.

والى أن تأخذ التطورات منحاها يبدو أن دمشق ورغم ما تعانيه ودول المنطقة من مواجهات اقتصادية كبيرة استغلت فيها واشنطن اثار كورونا، فإنها أي سورية قادرة على التخفيف من آثار “قيصر” وهي التي واجهت العقوبات الجائرة عليها لعشرات السنوات، وستتكامل إجراءاتها مع الحلفاء في وجه ترامب الذي لن يتمكن وحده من عقاب نصف الكرة الأرضية، بل سيتآكل مفعول “قيصر” بالتدريج، خاصة أن محور المقاومة أعلن استعداده للمواجهة وتضامنه مع الشعب السوري ضد التصرفات اللاشرعية التي يفرضها ترامب والتي تعد بحد ذاتها جريمة ضد الإنسانية، فمخالب (قيصر)التي تهدد رغيف الخبز وعلبة الدواء وتقيد حركة المواطنين والدول أيضا ستتكسر ويتم اقتلاعها كما اقتلعت مخالب الإرهاب ..وعجلة الإنتاج التي يجب أن تتسارع أكثر قادرة على أن تمشي بالسوريين إلى طريق النصر الكبير.

آخر الأخبار
France 24: إضعاف سوريا.. الهدف الاستراتيجي لإسرائيل فيدان: مبدأ تركيا أن يكون القرار بيد السوريين لبناء بلدهم "أوتشا": الألغام ومخلفات الحرب تخلف آثاراً مميتة في سوريا الرئيس العراقي: القيادة السورية من تحدد مستوى المشاركة في القمة العربية مؤتمر "نهضة تك" ينطلق في دمشق.. ومنصة "هدهد" لدعم الأسر المنتجة جودة طبيعية من دون غش.. منتجات الريف تصل المدن لدعم الصناعة السورية.. صفر رسوم للمواد الأولية أرخبيل طرطوس.. وجهات سياحية تنتظر الاهتمام والاستثمار مركزان جديدان لخدمة المواطن في نوى وبصرى درعا.. تنظيم 14 ضبطاً تموينياً اللاذقية: تشكيل غرفة عمليات مشتركة للسيطرة على حريق ربيعة الشعار يبحث تحديات غرفة تجارة وصناعة إدلب شراكة لا إدارة تقليدية.. "الإسكان العسكرية" تتغير! حمص.. 166 عملية في مستشفى العيون الجراحي أسواق حلب.. معاناة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة مهارات التواصل.. بين التعلم والأخلاق "تربية حلب": 42 ألف طالب وطالبة في انطلاق تصفيات "تحدي القراءة العربية" درعا.. رؤى فنية لتحسين البنية التحتية للكهرباء طرطوس.. الاطلاع على واقع مياه الشرب بمدينة بانياس وريفها "الصحة": دعم الولادات الطبيعية والحد من العمليات القيصرية