ثورة أون لاين – ريم صالح:
على من يكذب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة؟!، ولماذا يصران على تقديم نفسيهما اليوم بلبوس الحريصَين على الشعب السوري، والمعنيَين بتأمين احتياجاته الإنسانية؟!، ولماذا كل هذه المزايدات المفضوحة، والدعاية المضللة لمؤتمرهم المزمع عقده في 30 من الشهر الجاري في بروكسل، والذي جاء تحت مسمى” مؤتمر المانحين الدولي للاجئين والمهجرين السوريين”، وإن كان بنسخته الرابعة هذه المرة.
أوليس الأجدر بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بدل الاستثمار بأزمة المهجرين السوريين، وتسول وتوسل مليارات الدولارات تحت ذرائع ومسوغات باطلة، أوليس الأجدر به أن يرفع عقوباته الاقتصادية القسرية التي فرضها عامداً متعمداً لتجويع السوريين؟!، ثم ألم يسأل أحفاد الاستعمار الغربي أنفسهم لماذا يضطر المواطن السوري لأن يترك أرضه وبيته ووطنه؟!، أوليس ذلك بسبب تنظيماتهم الإرهابية المسلحة التي جندوها ووظفوها على الأراضي السورية، لتعيث إرهاباً وإجراماً ولصوصية وقتلاً واستباحة لدماء السوريين ومقدراتهم؟!.
لا يقل الاتحاد الأوروبي في عدوانيته حيال السوريين بشيء عن نظام الإرهاب الأمريكي، فللأوروبيون عقوباتهم الجائرة على السوريين، وكذلك للأمريكي “قيصره” المسخ، وكلاهما يعملان كل ما شأنه تضييق الخناق على السوريين، ومحاولة لي ذراعهم بشتى السبل القذرة واللا أخلاقية واللا إنسانية.
كذلك فإن الأمم المتحدة هي الأخرى ليست في موقف يخولها للحديث عن مأساة السوريين ومعاناتهم بعد أكثر من تسع سنوات من حرب كونية مسيسة ذات أجندات عدوانية تستهدف سورية وشعبها، فهي كمنظمة لم تعر يوماً أي اهتمام لمعاناة السوريين وآلامهم نتيجة الإرهاب الأميركي والغربي، ولم تتعاط مع أزمتهم بحيادية وعدالة وإنسانية، وإلا لكانت فعلت المستحيل لترفع هذه العقوبات الاقتصادية الظالمة عنهم، أو كانت على أقل تقدير قد أدانت الأنظمة العنصرية والفاشية الأمريكية والغربية في تعاطيها مع الملف السوري، وقالت لهم كفى.
ولكننا لا يمكن أن نتعاطى مع هذا المؤتمر من منطق حسن النيات، فمن المؤكد أنه وإن تلطى بستار المساعدات الإنسانية للمهجرين، وتأمين احتياجاتهم، إلا أن هدفه الحقيقي يكمن فيما وراء السطور، ألا وهو إعادة تجميع مليارات الدولارات لتمويل الإرهابيين من جديد، واستقدام نسخ محدثة ومعدلة منهم، بعد أن أثبت الميدان عجزهم عن تحقيق الأهداف الأميركية والصهيونية، وتهاووا تحت ضربات بواسل الجيش العربي السوري.
المسألة لا تحتاج إلى عقد اجتماعات مفتوحة، أو عبر الغرف المغلقة، إذا كان ضمير الأنظمة الغربية الميت قد استيقظ فجأة وهذا من سابع المستحيلات، فإن عليهم النظر في أصل الداء والابتلاء الذي يكابده السوريون المهجرون من أراضيهم، وبالتالي بدل تسول الأموال تحت يافطات مساعدتهم المزعومة، على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دعم جهود الحكومة السورية في حربها ضد الإرهاب أولاً، وفي مساعيها لتأمين عودة المهجرين إلى منازلهم وقراهم ثانية؟!.
أنظمة الاستعمار الحديث منها والقديم يفضحون أنفسهم بأنفسهم، ماذا جرى بل ولا يزال يجري في مخيمات الركبان والهول وغيرها ، لماذا الإصرار على احتجاز السوريين هناك؟!، ولماذا هذا النفاق الأممي في التعاطي مع أزمتهم؟!.
ألم يئن الآوان بعد ليتوقف هذا الرياء الغربي، وتوضع النقاط على الحروف: بأن السوريين القابعين في المخيمات، والذين يكابدون أسوأ الظروف المناخية، وانتشار الأمراض والأوبئة القاتلة، ويتعرضون يومياً لحلقات لا تنتهي من مسلسلات الابتزاز ومحاولة المقايضة على ثوابتهم ومبادئهم في سبيل قوتهم اليومي، بأن أولئك السوريين لم يكونوا يوماً ضمن دائرة اهتمام تلك الأنظمة الغربية الفاشية، وإنما كانوا مجرد أدوات ضغط تمكنهم من حشر أنوفهم المزكومة من روائح إجرامهم في الشأن السوري، للوصول بشكل أو بآخر إلى ثروات الدولة السورية، وصولاً إلى ضالتهم المنشودة أخيراً ألا وهي محاولة حرف سورية عن نهجها الصامد المقاوم عبر تطويقها بالإرهاب والحصار والعقوبات، واستنزافها ما أمكن وعلى جميع الجبهات.
اللافت أن الاتحاد الأوروبي وعلى لسان الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية جوزيب بوريل قد أكد أن مؤتمر بروكسل هذا من شأنه البحث في حل سياسي شامل للأزمة، فعن أي حلول يتحدث بوريل؟!، وكيف لهم إيجاد حل، وهو وحكام ومسؤولو العديد من الدول المستبدة والمارقة يصرون على فرض العقوبات الجائرة واحدة تلو الأخرى على السوريين، وعلى تسليح الإرهابيين في الأراضي السورية، والاستمرار بذات السياسات العدوانية تجاه الشعب السوري، دون أن ننسى قواعد الاحتلال غير الشرعية على الأراضي السورية والتي ما كانت يوماً إلا ملجأ لحماية إرهابيي الارتزاق ونهب الثروات الاستراتيجية السورية.
السوريون ليسوا بحاجة إلى مليارات العار الأوروبية والأمريكية، أو إلى اجتماعات مسيسة سلفاً مفضوحة النيات والمرامي، إنما هم بحاجة لأن تتحرر أراضيهم من رجس الإرهاب التكفيري، وأملهم كلهم في الداخل، تماماً كما هو حالهم في الخارج، معقود على همة حماة الديار، واستبسالهم في ارض المعركة، حتى يعودوا إلى ديارهم، وينعموا بالسلام والأمن والاستقرار الذي لطالما كانوا به ينعمون.