ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
ليست المرة الأولى التي تثار فيها قضايا الأرقام ولا هي الحالة الوحيدة التي تثير ارتياباً فيما تورده منظمات الأمم المتحدة من إحصائيات تقود إلى الشك بدوافعها، حيث تعكس حروباً أخرى،
وتحضر لصراعات تستكمل ما قد تفشل فيه أدوات الحرب التقليدية، وتتجاوز السياسة التي تقف خلف تلك الأرقام والجهات التي تتعمد اللغو داخلها.
ومع أفول نجم الكثيرين ممن احترف التأجيج السياسي والإعلامي بالأرقام ومدلولاتها، وتفاصيل ما تحمله في طياتها، تعود إلى الواجهة التسريبات الخارجة من داخل مؤشراتها وإحصائياتها التي حُيّدَت عن التداول وظلت بعيدة عن الأضواء، وأحيطت في اغلب الأحيان بستار الكتمان والسرية.
القضية ليست اليوم في توقيت التسريب الملتبس ولا في الأدلة والقرائن المتوفرة على تورط المفوضية الدولية لحقوق الإنسان كما أنها ليست في حجم ما يتم التحريض عليه خلف الأبواب المغلقة اعتماداً واستناداً على هذه الأرقام، بل في المشهد الذي تتركه خلفها بعد أن ينتهي دورها وتُستنفد أغراضها السياسية والدعائية، وتتجه نحو إقفال ملفاتها وإيداعها في أدراج النسيان.
فمن الحديث عن أرقام الضحايا الذين باتوا في عُُرْف الأمم المتحدة مجرد أعداد متحركة حسب الطلب والحاجة في غياب متعمدٍ لتفاصيل هؤلاء الضحايا وشخصيتهم، إلى أرقام اللاجئين والتقديرات المضخمة في احتياجاتهم، وصولا إلى الأرقام الأخيرة حول الاحتياجات الغذائية والتهويل في القراءة المقدمة لها، مروراً بالجهات التي تعتمدها منظمات العمل الأممي والتي سبق أن تم التشكيك بمصداقيتها والارتياب في أهليتها العلمية والقانونية.
هذا الأمر أثارته حالات الارتياب في عمل المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي إثر تسريبات لمصدر من داخل لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية والذي تحدث عن مفهوم الأرقام الوسخة على حد تعبيره، وتدار من قبل السيدة بيلاي وفريق مقرب منها يتعامل مع الشأن السوري بخلفية سياسية مسبقة ويعتمد على منظمات محلية وأجنبية تضليلية مرتبطة بدوائر الاستخبارات الغربية تقدم أرقاماً إجمالية وتفصيلية، غير أن المفوضية لا تنشر إلا الأرقام الإجمالية وتتحفظ على التفصيلية لأنها تكشف جوانب لا تريد المفوضية تسليط الأضواء عليها، لأنها لا تخدم توجهاتها السياسية.
في كل الأحوال قد لا تكون هذه اللعبة الوسخة – كما أسماها المصدر- هي الوحيدة، وليست الأقذر في سلسلة أعمال وتشكيلات حربية سياسية وإعلامية كانت أداتها ووسيلتها الأرقام الوسخة تلك.
عند هذا الحد تبدو اللعبات الكبرى أمام مفترق حقيقي نتيجة سلسلة من الفضائح التي تطال حالة التسييس المتعمد ليس للتقارير والاستنتاجات، بل في اللعب على الأرقام لخدمة توجهات سياسية وتنفيذ مآرب شخصية لم يكن الكثير من موظفي الأمم المتحدة خارجها، وبالتالي فإنه من الأجدى على الأمم المتحدة أن تعيد النظر بجهازها الإداري والقضائي وأهليته، والأكثر إلحاحا التحقيق في هذه المعطيات والمؤشرات، وسحب الأمر على جميع التقارير السابقة التي قدمتها المفوضية على مدى عامين.
ليس لدينا شك بأن لعبةً قذرةً كانت تدار في الكواليس كما هي في العلن، وأن المال السياسي ودولارات دعم الإرهاب لم تترك نقطة في كثير من تقارير المنظمة الدولية إلا وتدخلت في الحبر الذي كتبت فيه، لكن ذلك لا ينفي الحاجة المقابلة بضرورة توفير معطيات رقمية حقيقية من مصادر لم تصل إليها بعد دولارات النفط والمال السياسي وبالتالي شطب الكثير مما دخل في سجلات ووثائق المنظمة الدوليةعبر كواليس التدليس لتنظيفها مما علق بها من أدران الفساد السياسي والأخلاقي والقانوني.
a.ka667@yahoo.com