ثورة أون لاين – سامر البوظة:
منذ وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017، دأب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على لانسحاب والتنصل من الالتزامات والاتفاقات الدولية التي أبرمها الرؤساء الأميركيون السابقون، لأنها لا تتفق مع المصالح الأميركية من وجهة نظره،وفق شعار “أميركا أولا” الذي يرفعه منذ تسلمه السلطة، والذي انسحب بذريعته من منظمات دولية متعددة،كان آخرها منظمة الصحة العالمية التي هاجمها ترامب وإدارته مرارا في الأشهر الأخيرة ونفذ تهديده بقطع العلاقات معها بعد أن أعلن بأن إدارته ستوقف التمويل الأميركي عنها،في وقت تشهد فيه بلاده تفشيا مستمرا لوباء كورونا.
الولايات المتحدة أطلقت خطوات انسحابها الرسمي من منظمة الصحة العالمية منفذة تهديدات ترامب بهذا الخصوص على الرغم من كل الدعوات المطالبة بالتراجع عن هذا القرار. ويأتي ذلك بعد أسبوع من إعراب مدير منظمة الصحة العالمية عن أمله بمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة رغم إعلان ترامب قطع العلاقة بين بلاده والمنظمة الأممية.
القرار لاقى العديد من ردود الفعل المنددة خاصة وأنه جاء في هذا التوقيت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة والعالم من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد،حيث انتقد مسؤولون صحيون ومعارضون لترامب قراره الانسحاب من المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، والمسؤولة عن مكافحة الأمراض التي تواصل الانتشار في العالم وبينها كوفيد-19، وقال خبراء إن إدارة ترامب تحاول تحويل اللوم عن قلة كفاءتها في الاستجابة للوباء، مما سيأتي بنتائج عكسية على التصدي لأزمة الصحة العامة.
وكان ترامب تذرع بحجج وادعاءات واهية لتبرير قراره في أيار الماضي الانسحاب من المنظمة العالمية ومنها اتهامها بالانحياز للصين وسوء التعامل مع أزمة فيروس كورونا.
الانسحاب من الاتفاقيات والالتزامات الدولية ولغة التهديد المستمرة،باتت سمة أساسية تميز السياسة الخارجية للإدارة الأميركية التي يرأسها ترامب، والذي يحاول كما يبدو التخلص من إرث أسلافه كما تشير الكثير من التحليلات الأميركية، في محاولة منه لإعادة صياغة التوجهات الأميركية على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء وفق ما تقتضيه مصالحه الشخصية والانتخابية.
إن استمرار الإدارة الأميركية بنهجها هذا من دون الحوار مع شركائها الدوليين يفضح نواياها في الحصول على أفضل المكاسب الممكنة،بيد أنها في الوقت نفسه تؤثر سلبا على مصداقية الولايات المتحدة، والتزاماتها في المحافل الدولية، وهي بلا شك ستؤثر بشكل أو بآخر على ترامب الذي يواجه سيلا من المشاكل والأزمات داخليا وخارجيا بفعل سياساته الهوجاء، وإستراتيجية إدارته الفاشلة في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية.