ثورة أون لاين- راغب العطيه:
لم يكن التهديد الأخير الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد المتظاهرين، فيما إذا تعرضوا للتماثيل والنصب التذكارية لرموز العنصرية الأميركية، إلا تأكيد جديد على النهج العنصري الذي تتشبث به إدارته الإرهابية، تاركاً مواطنيه يواجهون مصيرهم في ظل الانتشار المتسارع لوباء كورونا المستجد، الأمر الذي دفع سكان ولاية نيويورك إلى مغادرتها، كما فعلوا عقب هجمات الحادي عشر من أيلول 2001.
ترامب حذر المتظاهرين الذين يحاولون الإضرار بالآثار الفيدرالية، بما فيها تماثيل لنكولن أو جيفرسون ميموريال، بالسجن عشر سنوات، معيداً توصيفه لهم بأنهم لصوص وفوضويون ويساريون، وقال في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر:” لا.. لن يسيطر الفوضويون اليساريون الراديكاليون أو المحرضون أو اللصوص أو المتظاهرون على نصب واشنطن التذكاري أو لنكولن أو جيفرسون التذكاري أو يضرون به.. إذا حاولوا حتى الإضرار بها، فسيواجهون السجن التلقائي لمدة 10 سنوات”، مؤكداً أن تحذيره يشمل أيضاً الإضرار بأي تماثيل أو آثار فيدرالية أخرى.
وشكلت النصب التذكارية وتماثيل رموز عصور العبودية والرق في الولايات المتحدة هدفاً لغضب المتظاهرين الذي نزلوا إلى الساحات والشوارع الأميركية إثر الجريمة العنصرية التي ارتكبتها الشرطة الأميركية بحق المواطن الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد، أثناء احتجازه نهاية أيار الماضي.
بالتوازي دفعت الصدمة الناجمة عن الانتشار المخيف لوباء كورونا في جميع الولايات الأميركية الكثير من سكان نيويورك إلى مغادرتها على وجه السرعة ونهائيا، تاركين وراءهم شققا خالية ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات في المناطق المحيطة بهذه المدينة المترامية الأطراف.
نيك بارنهورست المقيم في نيويورك منذ 11 عاما ويعشق هذه المدينة يقول: بات علينا أن نهجر المكان بأسرع وقت ممكن، وذلك بعد أن تبين أن زوجته حامل بطفلهما الثالث فيما فيروس كورونا يجتاح المدينة، ويقول الرجل وأصله من كاليفورنيا: لطالما تصورت أن الرحيل عن نيويورك سيكون صعبا، لكني اليوم متحمس للغاية.
وكان صديق نيك بارنهورست اتخذ قرارا جذريا أكثر منه بعدما زار أحد أقاربه في ولاية ماساتشوستس خلال عطلة نهاية أسبوع في مطلع آذار الماضي، فهو لم يعد قَطّ للسكن في نيويورك، حيث باع شقته واشترى أخرى في منطقة برونكسفيل الواقعة مباشرة شمال حي برونكس.
ولأن المسارح والحانات ودور السينما وقاعات الحفلات الموسيقية والمتاحف التي تحدد هوية نيويورك لا تزال مقفلة، فهذا الأمر يسهل عملية الرحيل عنها بحسب أحد الأشخاص الذين غادروا المدينة.
وغالبا ما يقارن حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو ورئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو الوضع الراهن بما حصل بعد هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 التي شكلت هي أيضا صدمة كبيرة للمدينة، واعدين بتحسن الوضع بعد ذلك.
وتكثر في هذه الأيام شاحنات نقل الأثاث والمقتنيات في شوارع نيويورك نتيجة لتزايد أعداد العائلات التي تغادر المدينة على جناح السرعة إلى وجهة أخرى.