أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك والأسعار ترتفع أكثر وأكثر ولا حياة لمن تنادي، فغول الأسعار يأكل الأخضر واليابس، وتكاليف العيش وقدرة المواطنين على الصمود باتت الشغل الشاغل للناس، وبخاصّةٍ في ظلِّ الانفلات الأخير لأسعار السلع الرئيسة التي تشكّل سلة الاستهلاك اليومي، هذا الانفلات ترافق مع دوامة من الجدل الدائر حول عدالة أسعار السلع في السوق ومدى ملاءَمتها مع دخول المواطنين من جهة، وموازاتها مع أسعار السلع نفسها في الأسواق العالمية والإقليمية من جهة أخرى.
وينصبّ اللوم الأكبر للمواطنين ومعهم جزء كبير من الباحثين على آليات وجدوى عمل المؤسسات بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كجهة وطنية معنيّة بالرقابة على الأسواق، وضمان المنافسة والنوعية ومنع الاحتكار، متناسين أنَّ المنافسة تضمن عدالة الأسعار بالنسبة للمنتجين من جهة، وهناك من جهة أخرى ظروف الاستيراد في ظلِّ الإجراءات القسرية والعقوبات على التعاملات الاقتصادية الخارجية لسورية وما تؤثر فيه من ارتفاع تكاليف الاستيراد، وتبعاً لذلك أسعار السلع المستوردة ونحن هنا لسنا في معرض الدفاع أو تقييم عمل الوزارة، ولكن في الواقع هناك حقائق أبعد من مهام وقدرة الوزارة على العمل والتحكم يجب أن تؤخذ بالحسبان.
إذاً بين قوانين العرض والطلب، وجشع واحتكار التجار يرزح الناس بين مطرقة الأسعار وسندان محدودية الدخل..؟.
وهنا نتساءل عن كيفية عيش موظف راتبه 50 ألف ليرة مع ارتفاع الأسعار الكبير للخضراوات والعديد من السلع والمواد الغذائية حيث أن كيلو اللحم على سبيل المثال لا الحصر يساوي 17 ألف ليرة مع أخذ العلم أن اللحم قد خرج من قاموس المائدة نتيجة غلاء سعره، كما أصبحت أي طبخة تكلف 6 آلاف ليرة، فما بالكم ببقية المواد الغذائية..؟.
فمع كل ما ذكرناه تصبح محدودية الدخل السبب الرئيسي الذي يلقي بظلاله الثقيلة جداً علينا كمستهلكين، ويصبح من الصعب جداً علينا القدرة على مواجهة هذه الموجات من الغلاء وهذه الأسعار، وأمام ذلك أصبحنا في حالة صعبة جداً.
ونعتقد أنه لا يوجد حلول إلا في حال سيطرت الحكومة على موضوع الأسواق، من خلال تأمين البديل الاستيرادي، بمعنى أن تستورد الدولة لحسابها الخاص، وهذا الشيء ليس خاطئاً، فنحن لدينا تجارب سابقة في الثمانينات حول استيراد الدولة للكثير من المواد الأساسية، ونعتقد أن اتخاذ مثل هذا الإجراء يكف يد التجار عن بعض الأمور، وخاصة الحاجات الأساسية للناس، وتضبط الأسواق عن طريق محاسبة المستورد بداية وانتهاء بتاجر المفرق، وهذا الأمر يقودنا للقول بأن يكون هناك قرارات رادعه بحق التجار والباعة.
حديث الناس – اسماعيل جرادات