بالأمس كان من المحظورات والممنوعات “الذاتية” على أصحاب الدخل المحدود مجرد الاقتراب أو التفكير بإلقاء نظرة ولو خاطفة وسريعة على المؤشر “الوهمي ـ الخلبي” لأسعار صرف العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، لأن تجار الأزمات كانوا دائماً مع الحدث، وغالباً قبل أي حدث مرتبط بصلة لا تقبل التجزئة بالأرقام التي كانوا يتحفوننا بها صباح – مساء على صدر شاشات بورصاتهم السوداوية، ويقرشونها بسرعة البرق والرعد والصوت والضوء “معاً” زيادة على أسعار منتجاتهم وسلعهم بشكل لحظي وساعي.
هذا المشهد هو الذي كان سائداً وبقوة في الآونة الأخيرة داخل أسواقنا ومولاتنا ومتاجرنا ومحالنا وبقالياتنا ودكاكيننا وأكشاكنا وصيدلياتنا ومستشفياتنا الخاصة، وصولاً إلى بسطاتنا التي لم تكن بمنأى هي الأخرى عن محاولات نقل عدوى الإصابة بفيروسهم الخاص جداً “دولرة” أسعار المنتجات الضرورية والسلع الأساسية مروراً بالغذائية والدوائية منها، التي سجلت جميعها من دون استثناء قفزات غير هينة “من الضعف وما فوق” على مؤشر الأسعار الذي لم يشهد بدوره خلال الأشهر القليلة الماضية أي حالة من الثبات ولا حتى الاستقرار، وإنما الزحف التصاعدي المستمر.
واليوم، ومع التدخل القوي والمستمر لأجهزة الدولة المصرفية المختصة، ومع الهبوطات المتلاحقة التي يتم تسجيلها على مؤشر سعر الصرف واقترابه بعض الشيء من قيمته الحقيقية، أصبح من حق المواطن ليس فقط الاطلاع على أرقام الصرف الجديدة، وإنما مطالبة التجار والأجهزة الرقابة التموينية وعلى الملأ العمل وبشكل ساعي كما كان عليه الحال لحظة تسجيل التقلبات والقفزات السعرية الكبيرة لتخفيض أسعار المواد والمنتجات، لخفض الأسعار فوراً “بذات السرعة وبالتوازي مع الهبوطات” وشطب كل الأعذار والمبررات الواهية التي سيقدمها تجار الأزمات “كما درجت عليه العادة” من بدعة استيراد شحناتهم وبضائعهم بأسعار صرف عالية وما إلى هنالك من حجج، ومعاملتهم على أساس “العين بالعين”، وصولاً إلى وأد ونسف مشروعهم اللاتجاري واللاأخلاقي لـ “دولرة” الحركة والنشاط التجاري الوطني، وتثبيت سعر الصرف.
عندها فقط سيتنفس المواطن الصعداء.. وسنقول جميعاً إن ليرتنا هي عزتنا فقط لا غير.
الكنز – عامر ياغي