رغم عدم التكافؤ في العدة والعتاد أصر البطل يوسف العظمة على خوض المعركة برفقة ثلة من جنوده ضد المحتل الفرنسي، ليس تهاوناً أو تهوراً، بل هي البطولة والمأثرة بأن الأوطان تفوق في قيمتها الأرواح، وليخط لنا ملحمة خالدة في سفر بطولات جيشنا العربي السوري.
والذاكرة الوطنية السورية حافلة بأسماء رجالات الثورة الكبار “ابراهيم هنانو، صالح العلي، سلطان باشا الأطرش، جول جمّال، حسن الخراط ..”، والقائمة تطول لتمتد إلى أبطال وشهداء عطرت دماؤهم تراب الوطن ولاتزال.
وإن كنا نحتفل هذه الأيام بمرور مئة عام على معركة ميسلون وقائدها يوسف العظمة، فإنما هي رسالة للعالم أجمع بأن سورية لا تستكين للظلم ولا تتهاون بشبر واحد من أرضها المعتقة بدم أجدادها، ولاتزال رسالة البطل يوسف العظمة يتردد صداها إلى اليوم وهو يقول: “إني أعرف ما يجب عليّ وسأقوم بواجبي، ولست آسفا على نفسي، بل أسفي على الأمة التي ستظل سنوات كثيرة هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب.. لكني مطمئن إلى مستقبل الأمة لما رأيته وخبرته بنفسي من قوة الحياة الكامنة فيه”.
فالعودة إلى الاحتفاء برجالات ورموز البطولة إنما هو أولا الوفاء لكل من وقف إلى جانب الوطن في محنته ضد المحتل الغاشم، وعلى الجانب الآخر هي خطوة جديدة للعودة إلى الذاكرة الوطنية وتعريف الأجيال الشابة بأجدادهم ومآثرهم مايشعرهم بالفخر والاعتزاز أنهم ينتمون إلى القادة العظام، واتخاذ هذه الرموز قدوة يحتذى بها، وفي الآن نفسه هي رسالة للأجيال أيضا بأن الوطن لاينسى رجالاته وصناع حضارته.
اليوم ونحن نكابد مانكابده من تبعات الحرب ومحاولة أعداء الحرية النيل من عزيمتنا وإصرارنا على الصمود في وجه من يحاولون اغتصاب حرياتنا ونهب خيرات بلادنا، ما أحوجنا لشحن النفوس وتزويدها بجرعات كبيرة من الغيرة على مقدرات البلاد والولاء كل الولاء للوطن والذود عنه، ولنا في رموزنا القدوة والأنموذج الأمثل لحمل لواء المقاومة ومتابعة النضال، من أجل أن تبقى سورية مكلل جبينها بأقواس النصر، ورجالاتها علامة فارقة في سفر البطولة والخلود.
رؤية – فاتن أحمد دعبول