الثورة أون لاين – نهى علي:
لم يعد الحديث عن فوائض العمالة في مختلف جهات القطاع العام وارداً، بعد حالات التسرّب والتقاعد التي تراكمت على مرّ السنوات العشر الأخيرة وهي سنوات الأزمة.
وعلى العكس تشهد القطاعات الإنتاجيّة حالياًّ، حالة عجزٍ غير مسبوق في الموارد البشرية والقوى العاملة في الفئات الوظيفية الأخيرة – الرابعة والخامسة – وهي العمالة الإنتاجيّة التي ليس بالإمكان الاستغناء عنها مهما بلغت مستويات توطين التكنولوجيا المساعدة في عمليات الإنجاز على الأرض.
وتتوالى الإشارات إلى حالات النقص الحادّ في العمالة، من مختلف القطاعات والمؤسسات وجهات القطاع العام، بما يعوق كثيراً إمكانية تنفيذ المشروعات المزمعة من الآن فصاعداً، خصوصاً وأننا نقف على عتبة إعادة ترميم وإعمار ما خرّبه الإرهاب في جميع القطاعات.
أحدث الإشارات كانت من قطاع النقل، إذ لفتت أحدث التقارير إلى العديد من العوائق والصعوبات التي تواجه عمال السكك الحديدية ممن يتبعون للمؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية، فهناك نقص حادّ في اليد العاملة بالسكك الحديدية والأدوات والتقنيات الحديثة، وكان لتوقّف حركة القطارات بين المحافظات نتيجة الأعمال الإرهابيّة وتخريب وسرقة الأدوات المحرّكة والمتحرّكة في المحطّات التي دخلت عليها العصابات الإرهابيّة الأثر الكبير على حجوم النقل، وبالتالي تأثّرت الحوافز والمكافآت المخصّصة للعمال.
ووفقاً لتقرير نقابي، يعاني عمال المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية، البالغ عددهم 1321 عاملاً، من مجموعة صعوبات، فهم لا يستفيدون من الحوافز الإنتاجية بسبب الوضع المالي للمؤسسة، أما بالنسبة لطبيعة العمل والاختصاص فيستفيد منها العمال في المراكز التي تعمل فعليّاً، ولذلك تمّ الاقتراح من قبل نقابتنا منح جميع العاملين في المؤسسة الحوافز الإنتاجيّة وطبيعة العمل والاختصاص، ورفع نسبتها بما يتناسب مع الأسعار الموجودة في الأسواق.
أما فيما يخصّ عمال الشركة العامة لإنشاء الخطوط الحديدية، والتي هي من الشركات التي تأثّرت بشكل كبير بفعل الأحداث الإرهابيّة نتيجة وجود آلياتها التي تعمل في المحطات التابعة للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية، والتي فقدت أغلبية آلياتها الهندسية، فهناك اقتراح بتوجيه شركات ومؤسسات القطاع العام لشراء المنتجات المتوافرة لدى الشركة وفصل تبعية الشركة عن المؤسسة حتى يتمكّن عمال الشركة من الاستفادة من طبيعة العمل الممنوحة للشركات الإنشائيّة المماثلة لها بالعمل، ومنح جميع العاملين طبيعة العمل والاختصاص أسوة بباقي الشركات الإنشائيّة المماثلة لعملها، ومنحهم الحوافز الإنتاجيّة ورفع نسبتها بما يتناسب مع الأسعار الموجودة في الأسواق.
حالة الترهّل والعجز القائمة في القطاع، حالت دون قيام المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية بتحويل اشتراكات العمال المستحقة لصندوق النقابة والمساعدة الاجتماعية ونهاية الخدمة ولأكثر من تسعة أشهر متتالية رغم المتابعة الجادّة من قبل مكتب النقابة بداعي عدم توافر السيولة المالية، وهذا ينطبق أيضاً على باقي النقابات في المحافظات الأخرى، وهذا الأمر له منعكساته السلبية من حيث تقديم المساعدات اللازمة للعمال وتحويل المساهمات الطوعية لمستحقيها، وهذا واقع مؤثّر سلباً بشكل عميق على القطاع السككي الذي يعتبر من القطاعات المهمّة التي تدعم الاقتصاد الوطني لما له من أهمية بنقل الركاب والمحاصيل الزراعية، ولذلك فهو يتطلّب المزيد من الدعم الحكومي، ووصلت خسائر السكك الحديدية حتى نهاية عام 2018 إلى ما يقارب 700 مليار ليرة.
بقي أن نشير إلى أنّ المؤسّسة العامّة للخط الحديدي الحجازي، قد أعدّت حزمة من المشروعات الاستراتيجية، التي تعيد لها ألقها وتستعيد معها كمّاً كبيراً من الإيرادات التي غيّبتها ظروف الأزمة، وهي مشروعات تتعدّد اتجاهاتها من السياحي إلى الحرفي التصنيعي – كمعمل تصنيع لوحات السيارات – إضافة إلى المشروعات السككية كقطار نقل الضواحي الواعد الذي تعمل على إعادة إحيائه حالياً.