ثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
من الواضح أن خطر المواجهة بين الولايات المتحدة والصين هو أمر واقع وقد يحدث عن طريق الصدفة أو التصميم وعلى الرغم من أن سياسة الإمبراطورية اليابانية في الأربعينيات، تختلف عن السياسات التي تتبعها الصين هذه الأيام، يزعم غراهام،السناتور الأمريكي، بأن هجوم اليابان على الأسطول الأمريكي على قاعدة بيرل هاربر في جزر هاواي عام 1941،كان أبعد بكثير مما كانت تتوقعه واشنطن.
فقد كشفت المخابرات الأمريكية آنذاك الشيفرة اليابانية، وأدركت ما هو قادم، وتتبعت الأسطول الياباني عبر المحيط الهادئ، إلا أنها فشلت في تحذير قائد (بيرل هاربر) الأدميرال HE Kimmel ، وحدث الهجوم.
يبدو من غير المرجح أن أي من جناحي حزب الحرب الأمريكي يريد مواجهة مباشرة مع دولة قويّة مثل الصين قادرة على الرّد بقوة عندما يتم الهجوم عليها.
وفي الوقت نفسه، تحتدم الحرب الأمريكية على الصين بوسائل أخرى ،اقتصادية وإعلامية وغيرها، ما ينذر بنقل خطر التصعيد إلى المواجهة المباشرة.
ترامب هو مبتدئ سياسي، ولا يعرف شيئاً عن الجيوسياسة، إنّه رجل أعمال وشخصية من تلفزيون الواقع، استيقظ ذات صباح ليكتشف أنه أصبح رئيساً منتخباً. إنّه أول رئيس أمريكي ليس لديه خبرة حكومية أو عسكرية.
ومن الواضح أنّه يجهل بشدة ما يجب أن يعرفه رئيس الدولة، وهو محاط بمتشددين متطرفين أغلبهم من المتلاعبين في القضايا الجيوسياسية.
إنه لا يفهم سوى ما تقوله له وسائل الإعلام وخاصة قناة فوكس نيوز، محطته التلفزيونية المفضّلة التي تغسل دماغه في القضايا الجيوسياسية الرئيسية.
إنه ليس قارئاً، ويفضل الاتصالات الشفوية، ويواصل الاهتمام بالجلسات والاجتماعات القصيرة ، ويكره التفاصيل وهو يفتقر إلى الفهم الصحيح للقضايا الرئيسية المتعلقة بشؤون الدولة.
وليس مستبعداً أنّ ترامب قد لا يعرف أن داعش والقاعدة والجماعات الإرهابية المتشابهة هي من صنع الولايات المتحدة. إنه جاهل حتّى بالقوانين الدولية والدستورية والقوانين الأمريكية، ومن المحتمل أنه لا يعرف إلا القليل أو لا شيء عن الحدود القانونية لواجباته وسلطاته.
إنه ممثل شخصية عامة، وليس مفكراً عميقاً، وربما لم يكن على دراية بالسياسة الخارجية الكارثية للولايات المتحدة كالحروب الاستباقية التي لا تنتهي والتي تدور في العديد من البلدان، بالإضافة إلى خطر حرب لا يمكن تصوره مع كل من الصين وروسيا و إيران.
فهل يمشي بخطوات مضطربة وغير مدروسة نحو مواجهة مباشرة وخطيرة مع إحدى هذه الدول، والتي يمكنها أن تنقلب إلى حرب نووية فيما إذا اندلعت؟
لقد بيّنت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست (SCMP) ،التي تدير سلسلة من المقالات حول الحرب المحتملة بين الولايات المتحدة والصين، أنه عندما التقى بومبيو مع كبير المستشارين الديبلوماسيين للرئيس الصيني شي جين بينغ، يانغ جيتشي قبل ذلك بأسابيع، لم يتم تحقيق أي تقدّم يذكر نحو تهدئة العلاقات الثنائية المتوترة بشكل متزايد حيث بقي كلا البلدين في مسار قد يفضي إلى تصادم محتمل.
ومؤخراّ بيّن بومبيو قائلاً بأن “العالم لن يسمح لبكين بالتعامل مع بحر الصين الجنوبي كإمبراطوريتها البحرية”، مضيفاً: “إن أمريكا تقف مع حلفائها وشركائها في جنوب شرق آسيا في حماية حقوقهم السيادية في الموارد الخارجية، فأمريكا ترفض أي محاولة لفرض” القوة “في بحر الصين الجنوبي” حسب بومبيو.
فهل تشجع تصريحات بومبيو القيام بعمل عسكري ضد الصين في بحر الصين الجنوبي؟ وهل يدرك ترامب جدية النتائج المحتملة لما قد يحدث؟، وهل يركز فقط على الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني لدرجة أنه لا يأبه بالمواجهة العدائية المحتملة مع الصين وروسيا و إيران؟
وهل يجهل ترامب مدى خطورة دفع الأشياء إلى ما هو أبعد من نقطة اللاعودة مع وجود عواقب كارثية محتملة.
وشددت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج “على أنّ “انعدام الثقة إضافة إلى العداء المتزايد بين بكين وواشنطن لم يجعل التنافس بين الصين والولايات المتحدة نبوءة تحقق ذاتها فحسب، بل ترك أيضاً جزءاً كبيراً من العالم “مستقطباً بشدة” في وقت تتفاقم فيه أزمة انتشار الفيروس التاجي وظروف الأزمات الاقتصادية، وتضيف الصحيفة: حذر المسؤولون الحكوميون والنقاد من أن ” العلاقات الصينية الأمريكية تتفكك بسرعة كبيرة وبطريقة غير مسبوقة.”
ويعتقد رئيس المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة يوان بنغ أن بكين يجب أن تستعد لمواجهة خطيرة،حرب محتملة مع الولايات المتحدة.
كما شدد وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” على أن العلاقات الصينية-الأمريكية هي الآن أسوأ من أي وقت مضى منذ تأسيسها رسمياً في عام 1979بسبب سوء التقديرات الإستراتيجية الأمريكية الكارثية على مستوى العالم.
وأن الوجود الاستفزازي للسفن الحربية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي بالقرب من أراضيها ينبئ بمواجهة محتملة قد تنفجر إلى شيء أكثر خطورة.ويعتقد” جال لوفت” من معهد تحليل الأمن العالمي ومقره الولايات المتحدة،أنّ الأمور تجاوزت نقطة اللاعودة حيث يتزايد انعدام الثقة، كما ينعدم الحوار المباشر بين الأشخاص، وهو وضع محفوف بالمخاطر.
في عام 2018 ، تنبأ هنري كيسنجر بالأمر قائلاً: “من وجهة نظر تاريخية، فإن الصين والولايات المتحدة متجهتان تقريباً نحو الصراع والمواجهة”.
وأوضح نائب وزير الخارجية الصيني السابق فو يينغ أن “هناك شكا كبيرا يكمن في حقيقة أنّ الجيشين من كلا الجانبين لم يقوما بعد بإنشاء آلية فعّالة لإدارة الأزمات ولا يزال هناك غموض حول النقاط النهائية لبعضهما البعض فيما يخص القواعد الأخرى مثل تحديد “الخطوط الحمراء” التي لا يجب تجاوزها. “ونتيجة لذلك يحتاج كلا الجانبين إلى اختبار بعضهما البعض باستمرار، والتفكير أكثر بمخاطر الحوادث والنتائج التي لا يمكن السيطرة عليها”.
لا شك أنّ المواجهة العدائية المحتملة بين الولايات المتحدة والصين هي أهم وأخطر قضية جيوسياسية على الإطلاق في عصرنا الحالي.
المصدر Global Research