بقيت دمشق وعشّاق الشّعر بانتظار محمود درويش في آب صيف ٢٠٠٨ لتكريمه ضمن احتفالية دمشق عاصمة الثقافة، لكن القلب خان جسده الذي أندى فلسطين ودمشق بكل العشق والحبّ وبقي منذ تلك اللحظة مسافرا عن دمشق وفلسطين جسدا وبقيت روحه الشاردة…
“في دمشق، يغني المسافر في سرّه :
لا أعود من الشام ،حيّاً ، ولاميتاً ، بل سحاباً ، يخفف عبء الفراشة، عن روحي الشاردة”.
شاعر فلسطين اجتازت أشعاره كلّ الأسوار والحدود القسرية لأرض عشقها منذ الطفولة وسجل فيها أعذب الكلمات في العام الحزين عام ١٩٦٧ قصيدة”عاشق من فلسطين”.
“عيونك شوكة في القلب توجعني، وأعبدها وأحميها من الرّيح وأغمدها وراء الليل والأوجاع، أغمدها فيشعل جرحها ضوء المصابيح…”
ثم جاءت قصيدته الشهيرة “سجّل أنا عربي ” لتصبح أغنية وأنشودة الأطفال والكبار وكل العالم لتؤكد أن فلسطين العروبة للفلسطينيين والقدس قدسنا، وبقي حبّنا لدرويش معادلاً لحبّنا لأرضنا العربية المحتلة….
بقي درويش يتجدّد بعبقرية شعرية غنائية عذبة حافظت على أوراق الزيتون والعروبة التي حفظها الناس عن ظهر قلب وأغرقوه في المحبة التي فاقت طاقته الإنسانية فكتب “أنقذونا من هذا الحبّ القاسي”.
صوته الحزين في قصائد الوطن المحتل وإيماءاته وحركاته علقت في الذاكرة تُنبئ أن الرحيل لن يمحو حضوره الطاغي وقصائده وموسيقاه وإيقاعه وفتنة الرقص التعبيري ،وبلاغة تنفذ إلى الوجدان والذات وتقتحم كل الأسوار والأبواب والنوافذ المغلقة بغية الحق والعدالة التي مازال الشعب الفلسطيني ينشدها…
نستذكر شاعرنا العربي الكبير الذي سيبقى إبداعه أنشودة ترددها الأجيال ماشاء الله من الزمان، ونحتفي بقصيدته العذبة “دمشق الندى والماء،دمشق العرب، كوني دمشق التي يحلمون بها، فيكون العرب، الشام تبدأ مني، أموت وفي الشام يبدأ أسبوع خلقي ،ماأقرب الشام مني، وفي الشام يبتدئ الزمان العربي”.
رؤية – هناء الدويري