رغم أن الهم المعيشي والواقع الاقتصادي المتردي بأكثر من مجال وما خلفه من تداعيات سلبية على الناس يحتل الحيز الأوسع من تفكير المواطن إلا أن ذلك لم يمنعه يوماً من رفع الصوت عالياً بضرورة مطالبة الجهات المعنية بتحسين هذا الواقع وهو ضمن مقدراتهم وإن كان بمستويات متفاوتة بين قطاع وآخر مع الإدراك والوعي العالي بما تشهده البلد من حرب وحصار ترك آثاره المدمرة عليها.
وبالتوازي مع ذلك لا تكاد تغيب عبارات تردد بقوة على لسان المواطن عبر استطلاعات رأي تبثها وسائل إعلامنا بكثرة بالآونة الأخيرة مثل مكافحة الفساد وتفعيل دور وسلطة هيئات معينة هدف وجودها كشف ملفات الفساد، والضرب بيد من حديد للفاسدين المستغلين لواقع البلد وخاصة مع وجود عشرات القوانين الرادعة والتي تنتظر فقط من يطبقها لا أن تترك منافذ وثغرات كما يحصل دائماً تمكنهم من الاستفادة منها لممارسة فسادهم وتدميرهم واستنزافهم لمقدرات الوطن، ولعل ملامح الإحباط والوجع التي تظهر على ملامح الناس عند حديثهم عن الفساد والفاسدين خير شاهد عن حجم وتأثير هذا الوباء على حياتهم.
ومع علم الجميع أن معالجة ملف الفساد ومحاسبة الفاسدين مستمر ولم يتوقف منذ سنوات وخاصة في سنوات الحرب كونها شكلت مناخاً خصباً لذلك، إلا أن نتائجه بنظر الكثير من الناس متواضعة ولم ترتق بعد لمستوى التأثير والتخريب المدمر لهم على الاقتصاد ومعيشة الناس، وهذا مرده بأغلب الأحيان لأمرين أساسيين؛ الأول الخلل الواسع بالتشريعات التي تحدث عنها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته مؤخراً أمام أعضاء مجلس الشعب التي أدت في كثير من الأحيان لاتخاذ قرارات من قبل المعنيين غير سليمة لأنها مبنية على معطيات خاطئة وهي بأحسن الأحوال تخلق الفوضى ومع توافر نيات الفساد أدت لانتشاره.
والثاني الدور القاصر وغير المسؤول للعديد من الهيئات الرقابية التي تمتلك سلسلة طويلة من الصلاحيات لا تترجمها على الأرض إلا في حدودها الدنيا، وهذا ما أفقد الثقة بقدرة صاحب القرار على التأثير بأي ملف فساد يحول له وخاصة لجهة التعامل معه من ألفه ليائه التي تفضي بالمحصلة بإيصاله للقضاء المختص الذي يفترض أن يبت به بشكل عادل، وهنا الحلقة الضائعة والخلل ودهاليز اللعب المفتوح.
عندما يؤكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الفساد ثقوب الاقتصاد وثقوب الأخلاق وثقوب المجتمع واستنزاف للوطن وأن الوطن لا يمكن أن يصمد وهو ينهش من الإرهابيين ومن الفاسدين ندرك حجم الجهود والمسؤولية المطلوبة من الجميع لمواجهة هذا الخطر والمهمة الأهم تطبيق القانون.
الكنز – هناء ديب