لم تنته مأساة أهلنا في الحسكة بإعادة ضخ مياه الشرب من جديد بعد أن قطعها نظام أردوغان ومرتزقته عن نحو مليون إنسان لأكثر من عشرة أيام، وهو سلوك إجرامي تكرر كثيراً خلال أقل من عام، إذ ما زالت المأساة الأكبر موجودة على تخومهم حيث المحتل التركي يتربص بالحسكة وأهلها وفي جعبته الكثير من الأساليب الوحشية وغير الإنسانية لمعاقبتهم بشكل جماعي لرفضهم الاحتلال ومقاومتهم له، وتجذرهم بأرضهم وأرض أجدادهم، حيث لا يستبعد أن يعود هذا المحتل الطاغية المجرم لتكرار هذا النهج العدواني مرة أخرى كلما ضاقت أرض الجزيرة بأحلامه وأوهامه ومشاريعه، وهو في ذلك لا يختلف عن شريكه في العدوان والاحتلال أي المحتل الأميركي الذي له أجندة أخرى قد تختلف أو تتقاطع مع أجندة نظام أردوغان لجهة السيطرة على هذه الأرض الخيرة المعطاءة ونهب خيراتها.
يعلم أهل الحسكة الصامدون بأن نظام أردوغان يهدف إلى اقتلاعهم من أرضهم من أجل توطين مرتزقته الإرهابيين فيها، ومن ثم إلحاقها وإلحاقهم بدولته الطامعة، وقد سبق لأسلافه من العثمانيين الأوغاد أن اقتطعوا أجزاء غالية ومساحات واسعة من شمال سورية وصولاً إلى اللواء السليب وألحقوها بدولتهم المستعمرة، بعد أن نكلوا بأهلها وارتكبوا المجازر البشعة بحقهم، وقد أكدت الوقائع أن الطاغية أردوغان يحمل نفس أطماع وطباع أولئك القتلة المجرمين وإن تذرع بقسد وطموحاتها الانفصالية وخطرها الافتراضي على أمنه القومي المزعوم.
كما يعلم أهل الحسكة أيضاً، أن المحتل الأميركي قد وفّر للطاغية التركي ذرائع وقحة لاحتلال بعض القرى والبلدات في الشمال السوري، من خلال دعمه المشبوه لميليشيا قسد الإرهابية الطامحة للانفصال بمنطقة الجزيرة السورية عن الوطن الأم، وتذرعه بمحاربة الإرهاب الداعشي لاحتلال حقول النفط والغاز وإقامة قواعد له فيها، وهما يتبادلان الأدوار ولكل منهما مرتزقته التي يشهرها في وجه الأهالي الرافضين لكل أشكال الاحتلال والوجود الأجنبي.
وبناء على كل ما تقدم، وبعد أن اتضحت أجندات أطراف العدوان، لم يعد أمام أهلنا في الجزيرة الحبيبة عموماً سوى أن يشعلوا الأرض تحت أقدام المحتلين ويعلنوها حرباً لا هوادة فيها ضدهم إلى حين طردهم وطرد مرتزقتهم من كل شبر من أرض سورية، لأن المحتلين الغزاة لا يفهمون سوى هذه اللغة البليغة التي لا يستطيعون مجاراتها أو تحملها، وسيلقون من دولتهم وشعبهم كل أشكال الدعم والتأييد والمساندة، كي تتحول أرض الجزيرة المعطاء جحيماً يحرق غاصبيها والطامعين بها بدل أن تكون أرضاً للموت عطشاً أو جوعاً، ولن يطول الوقت حتى يفر هؤلاء المحتلون يجرون أذيال الخيبة والعار والهزيمة كما سبق لهم أن فروا من ساحات أخرى بفعل بندقية المقاومة.
نافذة على حدث – عبد الحليم سعود