الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم :
التحدّيات التي تواجهها القضية الفلسطينية داهمة وخطرة، وعلى رأسها مشروع «صفقة القرن» وما سبقه من اعتراف أميركي بالقدس عاصمةً للكيان الغاصب، ومخطّط الضمّ الصهيوني لما يقرب من ثلث أراضي الضفة المحتلة، واتفاقات التطبيع التي اعطت الكيان الصهيوني مكافأة مجانية، كذلك الحصار الظالم المفروض على غزة، واستمرار العدوان للقضاء على مقاومتها وصمودها.
الخروج من المأزق بات يتطلّب إعادة الاعتبار إلى المشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستيطاني اليهودي الذي يريد فلسطين كاملة والسيطرة على مقدّساتها وتهويدها بالكامل، كجزء لا يتجزّأ من جوهر المشروع الصهيوني المدعوم أميركياً وغربياً، فالرهان على إيجاد دولة فلسطينية إلى جانب المشروع الصهيوني دون الاعتراف بالحقوق الفلسطينية رهان على سراب، ويعبّر عن عدم إدراك لطبيعة المشروع الصهيوني، وسيرهن المشروع الفلسطيني بالتقلّب بين مأزق وآخر.
الأزمات التي تراكمت في وجه المشروع الوطني الفلسطيني، بشقَّيه المفاوض والمقاوم، باتت تستلزم السعي إلى توحيد الجهود والتوافق على مشروع جامع، ولو بالحدّ الأدنى ، فالآثار الكارثيّة التي وَقعت على قضيّة فلسطين وشعبها، جراء اتفاق اوسلو، كانت أشدّ وطأة وأكثر إيلاماً من «وعد بلفور» المشؤوم (2 تشرين الثاني1917)، وأشدّ تدميراً ممّا خلّفته كلّ الحروب الصهيونيّة المُتلاحقة التي شَنّتها قوات الاحتلال، ومعها القوى الإمبريالية والرجعية المُعادية فزاد الانقسام وعانى الشعب من ويلات الحصار وسياسات التجويع والاستيطان والأسر والترحيل والسجن واحتلال الأرض والاعتداء على الحقوق وانتهاك الهوية والكرامة والثقافة والتراث.
والسلطة الفلسطينية التي التزمت بالدور الأمني والاقتصادي وراهنت طويلاً على المفاوضات العبثية مع الاحتلال أدركت أنها فقدت الكثير وقد تخسر ما تبقى في أيديها من أوراق قوة لطالما ركنت إليها، ولا سيما الرهان على الإجماع العربي على ما يسمى «المبادرة العربية للسلام» (بيروت 2002) والتي تنصّ على أنه لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، وخصوصا بعد تصاعد موجة التطبيع العربي مع الكيان.
فمن الطبيعي في هذه الحالة أن تسعى السلطة والفصائل الفلسطينية إلى تجميع الموقف الفلسطيني، في محاولة للإمساك بورقة الإجماع الفصائلي وأن تستفيد من دعم قوى محور المقاومة للمشروع الأمريكي العربية والإقليمية للحقوق الفلسطينية في مواجهة الضغوط الصهيونية والأميركية التي تمارَس عليها.
الاجماع الفلسطيني وتوحيد الصف والموقف ضرورة ملحة تتطلبها التطورات في المنطقة والعالم، وتدعو إلى الوحدة الوطنية التي تمثل لها ركيزة استراتيجية أساسية في مواجهة المشروع الصهيوني، وتحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة المقاومة حتى استعادة الحقوق، ووحدة الشعب الفلسطيني، ووقوف الأمة عند مسؤولياتها للاستفادة من أي مبادرة او جهود دولية لعودة الحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الوطنية على الأرض، وتفويت الفرصة على الاحتلال وحلفائه من خلق العقبات التي تعوق استعادتها، وخصوصا قبل اجتماع الفصائل في موسكو قريبا.