نلحّ على عفوية الأشياء في الحياة في زمن مهووس بالعقد والتعقيد، نبحث عن أنفسنا في حكايات قريبة وبسيطة، لكن الأقدار تأخذنا إلى الحكايات البعيدة التي هي من نسيج الخيال، نبحث عن طاولة مصنوعة من جذع سنديانة عتيقة قشرها الأسمر يزينها مع رائحة اللّب العالقة في ذاكرة الروح، نخصصها لطعامنا على بساطته من منتجات(حاكورة) البيت أو من مؤونة جفّفتها أشعة الشمس…
عبثاً.. الطاولة المُسخّرة لطعامنا ومتعتنا وراحتنا تتحول إلى طاولة مرصّعة بالأصفاد ومطلية بماء الذهب، تُسّخرنا لخدمتها والحفاظ عليها عوضاً عن تسخيرها لمأكلنا ومشربنا وحاجياتنا البسيطة بعيداً عن الكماليات…
إلى متى نتغرّب عن حواسنا وإحساسنا وجلودنا..؟؟!!
لماذا ننتظر دائماً من يقوّض جوعنا..؟؟!!
ولماذا نترك القرارات في مصائر حياتنا للعبة الزمن، وسطوة الخوف والذهول…
الكاتب حردت يداه عن الكتابة، وطالب العلم بقي ينتظر طائرة الإمبريالية العالمية العتيقة لتأخذه حيث سرقوا مستقبله في وطنه وسيسرقون منه كلّ الأحلام…
حتى الرغبات أخذت الرجل المسكون بالطبيعة والهواء النقي وحوّلته من حطّاب يقضي حاجياته إلى أنانيّ عابث مُنكر لفضل الشمس والجبال والخُضرة…
هل أتراحنا تفوق أفراحنا لنعيش حياديّة تفوق أعمارنا…أم أن الخوف جعلنا كتلاً بلهاء من الجلد والعظام ينفذ صبرها عند أوّل اصطدام بالظروف والطقوس والأشخاص والأمزجة والحاجات والمصلحة العامة فتضرب عرض الحائط كل المقدسّات الإنسانية، لا خطوط دفاعية أمامية ولا خلفية بخلاف الفطرة الإنسانية الحضارية، وكأن القسوة والعرّي باتت حالة مأصلة في طبيعتها البشرية، نسيت ألف باء الفرح بنكهة وطعم ومذاق الصدق والأمانة والعفّة والصبر والعنفوان (الثراء الإنساني بالفطرة)…
أغلقوا نوافذ الخوف واكسروا قيوداً تُكبّل إنسانيتنا، ولا تختلفوا في أقطاب السماء.. فلكل قطب مساره وفعاليته وإحسانه الذي تحدّده الطبيعة الإلهية التي تدلّل مع كل مسار أن الكون يتسّع للجميع.. ومن لايمتلك ثقافة الحياة طفيلياً على من يمتلكها…
رؤية-هناء الدويري