الثورة أون لاين – ريم صالح:
هي الحماقة السياسية والكيد الدبلوماسي تضرب أطنابها في عروق الاتحاد الأوروبي وأنظمة دوله الاستعمارية، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال سلسلة العقوبات الجائرة والباطلة واللا شرعية التي تم فرضها على موسكو ومينسك، والتي لا يمكن فهمها، إلا أنها مجرد وسيلة لابتزاز كل من روسيا وبيلاروس، وترهيبهما، والحصول منهما على تنازلات في قضايا وملفات محددة، أو محاولة إجبارهما على اللحاق بالركب الأمريكي الظلامي.
عقوبات الاتحاد الأوروبي لم تكن مفاجئة على الإطلاق، ليس لأنه سبق ولوح بها، وعلى الملأ، بل لأن هذا الاتحاد ما هو بالأساس خاضع للسياسة الأميركية، ويترجم على الأرض جميع السيناريوهات الفوضوية الهدامة، بل والمروج لكل تلفيقات السي آي إيه الهوليودية، وما حديث هذا الاتحاد المفبرك عن عملية تسميم مزعومة للمعارض الروسي اليكسي نافالني، وأيضاً حديثه عن حدوث ما سماه انتهاكات صارخة في الانتخابات البيلاروسية الأخيرة، وفرضه عقوبات على موسكو ومينسك، إلا خير دليل على قولنا هذا.
التابع الأوروبي يمضي إذاُ في أحقاده وترهاته، والغريب في الموضوع أنه وتحديداً في قضية نافالني المزعومة يحاجج وبوقاحة منقطعة النظير، ويبني استنتاجاته على لا شيء، حيث لا أدلة ولا براهين على أن موسكو أقدمت حقاً على تسميم المعارض الروسي بمادة “نوفيتشوك” المزعومة، ومع ذلك تركب أنظمة التبعية والقرصنة الأوروبية سرج هذه القضية الملفقة، واللافت أنها لم تكتف فقط بتجريم موسكو هكذا زوراً وبهتاناُ، بل ها هي تشدد عليها العقوبات السابقة، وتستعد لفرض مجموعة جديدة عليها من العقوبات.
موسكو سبق وطالبت عدة مرات بأن تشاركها برلين بالمعلومات وعينات التحاليل التي أجريت لنافالني، والتي هي بحوزة السلطات الألمانية، لتقوم بدورها بالتحقيق حول هذه القضية، والاتهامات الملفقة، ولكنها كانت دائماً تواجه بالمماطلة والرفض، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار هذه الحقيقة وقاطعناها أيضاً مع نتائج التحاليل السابقة للمعارض الروسي والتي أثبتت خلو جسمه من أي مادة سامة، وأيضاً إذا ما ربطنا هذه المعلومة مع شهادة الخبير الروسي ليونيد رينك، الذي شارك بشكل مباشر في تطوير “نوفيتشوك”، والذي أكد أن خروج أليكسي نافالني من الغيبوبة يشير إلى أنه في حال افترضنا تسميمه، أنه لم يتم استخدام نوفيتشوك، وهو ما يتناقض بشكل أو بآخر مع الرواية الألمانية والفرنسية والسويدية بأنه تم تسميمه بمادة نوفيتشوك حصرياً، حيث إن الخبير الروسي استبعد تسميم نافالني لأنه لا توجد أعراض، لأنه حتى لو تم استخدام جرعة أقل بـ 400 مرة من الجرعة المميتة، فإنه سيخرج من غيبوبة، لكن حدقة عينيه ستبقى منقبضة، ولم تكن هناك مثل هذه الأعراض في حالة المعارض الروسي.
التعاطي الأوروبي القسري والجائر في الملف البيلاروسي والذي يكيل بعدة مكاييل وفق أهواء نظام قطاع الطرق والبلطجة الامريكي لا يختلف كثيراً عن تعاطيه مع قضية نافالني، حيث حشرت أنظمة الاستعمار الأوروبية أنفها المزكوم بروائح نفاقها المكشوف، وقلبت الحقائق رأساً على عقب، وسحبت الشرعية من ممثلي الشعب الحقيقيين، واعترفت بمن هم لا أحقية لهم على الإطلاق بأن ينطقوا باسم المواطنين البيلاروس، وصوتت لصالح قرار يقضي برفض الاعتراف بالكسندر لوكاشينكو رئيسا شرعياً لبيلاروس، ليس هذا فحسب وإنما دعت مجدداً إلى تنظيم ما سمته انتخابات حرة ونزيهة في مينسك بأقرب وقت ممكن تحت الرعاية الدولية.
لا نجافي الحقيقة إذا قلنا بأن نظام الإرهاب الأمريكي وإدارته الاستعمارية بأفلامها الهوليودية تقف وراء كل ما يجري ليس فقط في موسكو ومينسك، وإنما في كل بقعة يطالها نظر القابع في المكتب البيضاوي، وبأن كل تحركات الاتحاد الأوروبي وبياناته الجوفاء ما هي إلا تعبير وتجسيد لرغبات الأمريكي الاستعمارية ورؤاه التخريبية لا أكثر ولا أقل