أصابع ملوثة بالألوان

حظيت زاوية الأسبوع الماضي بتعليقات جديرة بالتقدير. فالحديث عن العلاقة ثلاثية الأطراف بين العمل الإبداعي والناقد والمتلقي، فتح الباب أمام حوارٍ جاد شارك فيه تشكيليون ومهتمون بالفن التشكيلي، وتطرق إلى عدة نقاط هامة منها ما ناقش فكرة تدريس مادة النقد في المعاهد والجامعات، ومنها ما تحفظ على عقد المقارنة بين الفن والنقد، لأنهما مهارتان منفصلتان ومن جهتي، أتفق مع الحديث عن مهارتين منفصلتين، والذي يتفق معه كثير من المثقفين بأشكال مختلفة يصل بعضها حد التطرف.

أرشيبالد ماكليش، الشاعر الأميركي الذي يرتبط اسمه بالحداثة الشعرية، يقول في كتابه (الشعر والتجربة) الصادر عام 1962عن دار اليقظة العربية بترجمة السيدة سلمى الخضراء الجيوسي:

«والمرء في ميدان الشعر بحاجة إلى رائد، رجل رأى واستبان ثم عاد، ولن يكون هذا الرائد إلا شاعراً، أما النقاد فهم كمن يضع خرائط لجبال العالم الذي يريدونه، غير أنهم هم أنفسهم لم يتسلقوا تلك الجبال قط»

ماكليش ليس شاعراً فحسب، وإنما هو أيضاً كاتب مسرحي، و…ناقد !!. إذاً فقوله الذي يبدو شديد التطرف للوهلة الأولى، هو في واقع الحال لا يستخف بمجمل النقاد، وإنما فقط بأولئك الذين لا يملكون تجربة شعرية شخصية وهذا يعني من جهة ثانية، أنه وعلى الرغم من أن الفن والنقد هما مهارتان منفردتان، فإنهما قد تجتمعان في شخص واحد إذا حاولنا سحب الرأي السابق على الفن التشكيلي عندنا وكتاباته النقدية، سنلتقي برأي مشابه للفنان والناقد أسعد عرابي بقوله أن «الناقد لا بد أن تكون أصابعه ملوثة بالألوان» لكن في المقابل نجد أن بعض أفضل النصوص النقدية كانت لكتّاب لا يملكون أي تجربة فنية كما هي نصوص سليم عادل عبد الحق، وصدقي اسماعيل، ومحمود حوا، وطارق الشريف، وعبد العزيز علون، وسليمان قطاية.

في كل الأحوال، و دون الغوص- الآن- في مسألة ضرورة، أو عدم ضرورة، أن يكون للناقد تجربته الفنية، نلاحظ أن معظم من توصف كتاباتهم بالنقد التشكيلي عندنا، يملك تجربة فنية خاصة (غالب سالم، محمود حماد، ممدوح قشلان، عفيف بهنسي الياس زيات، غازي الخالدي، عز الدين شموط، صلاح الدين محمد، أسعد عرابي، كمال محي الدين حسين، عبد الله السيد، يوسف عبدلكي، طاهر البني، محمود شاهين، غازي عانا، طلال معلا، محمود مكي، أكثم عبد الحميد، عصام درويش، أنور الرحبي، بطرس المعري، أكسم طلاع..)، ومعظمهم ما زال له وجوده الفاعل والنشيط في مجال الابداع الفني، مما يدعو لافتراض علاقة سليمة بين النقاد والفنانين كونهم جميعاً يقفون في الجهة ذاتها هذا هو الافتراض، أما الحقيقة فهي ليست كذلك أو ليست كلها كذلك، ففي الوقت الذي يتخذ فيه قسمٌ هامٌ من فنانينا التشكيليين موقفاً موضوعياً من الكتابات النقدية، وبشكل خاص الكبار منهم وأصحاب التجارب المتميزة والهامة، فإن قسماً آخر من التشكيليين يأخذ الموقف المغاير تماماً، ويرى نفسه- دون أي مبرر- في موقف الخصم للنقاد والكتابات النقدية، وهي حقيقة يدركها كل ناقد يقدم نصاً قائماً على المعرفة والموضوعية والقدرة على التحليل وكل من يكتب في الفن التشكيلي قادر على ايراد عدد كبير من الأمثلة عن تباين موقف التشكيليين من كتاباته، أو كتابات الآخرين، تؤكد في النتيجة أن بعض فنانينا – كما الكثير من الناس عموماً- لا ينجح في التفريق بين النقد وبين العداء.

وهي حالة تتجاوز الجميع: الفنان والناقد والمتلقي، لأنها ترتبط بمناخ ثقافي وفكري واجتماعي حواري يتقبل وجهة النظر المغايرة، حتى لو لم يتفق معها وهذا المناخ هو الغائب.

إضاءات-سعد القاسم

 

 

 

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب