هل نقف دائماً على المعنى في كل الأفعال والتصرفات التي تتناثر ضمن يومياتنا..؟
غالبا سيكون تساؤلاً حاضراً لمن يتصفح كتاب فيكتور فرانكل “الإنسان يبحث عن معنى”.. مع أن حياة البعض تمضي دون أن يكونوا قادرين على منح معنى فعلي لمجمل أوقاتهم..
كيف نواجه اللامعنى..؟!
هذا ما فكرتْ به وهي تقف قبالة تلك الموظّفة التي يبدو أنها لاتزال غرّة في شؤون الحياة وقبلها في محددات العمل وثقافته.. فتاة هاوية ألقاب لم تدرك أن ثمة ما يطلق عليه أنسنة قوانين أو روح القانون..
كيف نطالب بأنسنة مفاهيم معنوية قبل أن نؤنسن نفسياتنا..؟
يُفترض ببعض الذهنيات المغلقة، كما تلك الموظفة، أن تقوم بتسليك “فتحات تهوية” لطرد الهواء الفاسد العالق في عقولهم.
يخطر كل هذا لها وهي تمضي منصرفةً من لقائها معها.
فيما مضى لم تكن تنتظر أن يؤنسن أحدهم تصرفاته تجاهها..
وللصراحة.. دائماً ما واجهت مشكلة المبالغة لدرجة التناقض على السواء من ذهنيتين متقابلتين..
فثمة فئة تستصغر قيامها بأي فعل حياتي وتنظر إليها نظرةً تستبطن تعاطفاً رخيصاً.. وفئة مقابلة تتطرّف بعدم قدرتها على رؤية خصوصية ما لديها وما تختزنه من اختلاف يتمايز عن سواه.
وإذا ما كان لدى الفئتين مشكلة في استبصار حقيقة الأم، فغالباً ما واجهت أفعالهم تجاهها بردود فعل لامبالية.. لم تبصر أفعالهم ولم تُلقِ بالاً لكل حضورهم.
هكذا تعلّمت تقنية “الشطب”.. شطب كل ما لا يروقها ولا يمعن النظر الى ما وراء المظهر.
على هذا النحو أمضتْ الكثير من المواقف تستسهل قياسها بعين اللارؤية..
وتقتنع تماماً أن مَن يرى الآخر بعين الضعف أو النقص، هو مَن يواري نقصاً أو ضعفاً..
تستريح لهذه القناعة.. وتتأمل مقولة نيتشه: “مَن يمتلك سبباً للعيش من أجله، فإنه يستطيع غالباً أن يتحمّل بأي طريقة، وبأي حال”..
ومع ذلك يبدو أنها اليوم سئمت عادتها تلك في الاستيعاب.. مقررةً الإعلان عن غضبها واستيائها، فلا ضير من استثناء قواعدنا وقناعاتنا أحياناً، ولتذهب كل ظنونهم وقناعاتهم تجاهها إلى قعر الجحيم.
رؤية- لميس علي