ما أطيب تربك يا شام

 

ما كنت لأرى وجهها مبتسماً لولا أنها حملت طفلي الصغير، لم تره منذ أيام هي شغوفة به. عندما يطول عليها الوقت دون احتضانه وتقبيل يديه البضتين، ينتابها مسحة من تعاسة، كانت تشعر بها عندما كنت أغادر بيت العائلة عائدة إلى بيتي.

تتذكر جنتها الصغيرة كانت دائمة المرح، الجميع بخير دراستهم صحتهم، تصنع لهم السعادة في كل لحظة، تسقي بحبها بذوراً تنتشي لتعمر قلب أولادها بالمحبة. سعادتها الأكبر مع الأحفاد، في بيت العائلة الكبيرة.. بيتها.. الأم التي لم تبخل بحبها على تلك الحشود الصغيرة التي تملأ البيت رغم صغره صخباً وحباً وضجيجاً

كم كان كبيراً بالحب بيت الأم.. ذاك الذي يتسع للبنات والأولاد والأحفاد..لا تذكر مرة أن أحداً غضب من أحد، ولم تعرف الحساسية طريقها بين الكبار، رغم اختلاف الصغار أحياناً على أبسط الأشياء، وعلوّ صراخهم. كل يريد فرض اللعبة التي يحب. أو أخذ ما لا يملك من يد الآخر. وتملأ ضحكات الجميع بعلوها فضاءه.

كم كانت الدنيا جميلة.. وكم كان فيها من الوئام والسلام اللذان إن حلّأ في مكان؛ سادته روحانية تعمّر في نفوس الجميع. لابد من متابعة الدراسة، عهد قطعته على نفسها. لابد أن يحمل الجميع شهادة عليا، تضيفها إلى رصيد حلمها الذي لم يكتمل.

كبر الأحفاد.. وأصبح لسلالة تلك السيدة العظيمة صاحبة البيت الصغير الكبير جيل جديد، والكل يقبّل يد تلك القديسة الغالية، التي تجمعهم بحبها وقلبها.. ابتسامتها التي لا تغيب. رغم شرودها في مناسبات الفرح، تستذكر الأب الجد الذي غادر مبكراً..

يااااه لو كان بيت العرب (الجامعة الخاوية) يتمثل سجايا تلك الأم. كم كانت عظمتنا بين شعوب العالم.كم كانت حياتنا أفضل كأمة عربية، فيها الأطياف العلمية والفكرية والاقتصادية والإنسانية. وكم كنَّ العالم لنا من الاحترام، ونحن نلتئم على قلب واحد.

الجدة الكبيرة زرعت الخير في نفس كل من تواتر من رحمها وأرحامهن. المقتدر يصب في الإناء الأقل ليتوازيا. بهدوء لا يَخْدُشْ، ونظرة صمت تَعْبُرُ كل المسافات لتصب في قلوب مفعمة بزهر المحبة؛ مورقة بسموٍّ وحنان لا يعرفها إلا هم. لابد أن يكون الكل سعيداً.. مواسم الخير كانت تعم الجميع.. طيباً وبذلاً وتراحماً.

لو كان لشعبنا العربي في أقطاره ذات الروح الجميلة المعطاءة، لما غادر البعض حدودهم لغربة يخشون ظُلمتها إن وصلوها. ومن لا يصل فإما يكون وليمة دسمة للسمك. أو تراب الغربة له مستقراً.. أما كانت أقطار العرب الغنية أولى بضم أبناء العرب أبناء الأمة. كما ضم بيت الجدة أولادها وأحفادها، حفاظا عليهم من الأذى.

ماذا بعد التهشم الذي حل بهذه الأمة. وأنياب القتلة تنشب في جسدها. هل علينا أن نودع القضية الأم، كما ودعنا قديستنا.. الأم الجدة فارقت الحياة بقوة الموت دون إرادة منا أو منها. فهل تفارقنا فلسطين بإرادة المتخاذلين والغدارين واللصوص..

عن أي أمة يمكن أن يكتب التاريخ لأجيال المستقبل.. إلى أي أمة سينتمون.. ماذا سيتذكرون من إرث نتركه لهم.. وهم يرون سورية تقاتل وحدها، يدنسها الغزاة والعرب من حولها ينفضون.عميٌ.. صمٌ.. فلا اليمن في بالهم.. ولا ليبيا ضمن اهتماماتهم .. ولا السودان في حساباتهم.. وعلى العراق السلام حيث لا سلام..

القديسة احتضن جسدها الطاهر ترب الشام الطيب الحنون، الشام التي تحتضن كل مظلوم، وكل من أُخرج من أرضه بالقوة أو بالحيلة. كل من ناضل ويناضل لأجل قضية وطن.. الشام اليوم تقاتل لأجل سيادتها وتطهير ترابها الطيب، وحرية شعبها..

إضاءات – شهناز صبحي فاكوش

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة