الثورة اون لاين – رامز محفوظ:
المناظرة الأولى بين المرشحين المتنافسين “الجمهوري” دونالد ترامب، و”الديمقراطي” جو بايدن، عكست بكل وضوح عقلية “الكاوبوي” وعصابات قطاع الطرق، التي تتحكم بالمسؤولين الأميركيين على مختلف انتماءاتهم الحزبية، وجسدت نزعة الهيمنة والغطرسة التي تنتهجها الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض، حيث الإهانات الشخصية المتبادلة التي هيمنت على مضمون النقاش والملفات التي تناولاها، تدل على مدى الانحطاط السياسي والأخلاقي الذي يمكن أن ينحدر إليه المسؤولون الأميركيون في سبيل تحقيق غاياتهم وأهدافهم، سواء على صعيد الداخل الأميركي لغايات سياسية وانتخابية، أم فيما يتصل بالخارج والتدخلات السافرة في شؤون الدول الأخرى، والتي تصل إلى شن الحروب والغزوات من أجل تحقيق مصالحهم الاستعمارية على حساب حياة وأمن الشعوب الأخرى.
الأميركيون أنفسهم، وبعد تسعين دقيقة عاشوا خيبة أمل كبيرة، ووصفوا المناظرة بـ”العار” و”الكارثة”، ولم يعد لهم أي فرق بين بايدن وترامب فكلاهما جلب لهم العار، وبحسب وسائل الإعلام والصحافة الأميركية فقد ضحك الأميركيون لـ90 دقيقة، معبرين عن كامل سخطهم وغضبهم وامتعاضهم واستغرابهم، لمستوى المناظرة، الذي ربما لم يكن مستغرباً للكثيرين بعد أشهر من شتائم متبادلة بين الطرفين.
فالمناظرة كانت بنظر عدد كبير من الأميركيين والصحافة الأميركيّة سيئة بكافة المقاييس، حيث وصفتها صحيفة “نيويورك تايمز” بـالمعركة القبيحة و الفوضى، واعتبرتها “واشنطن بوست” “أسوأ مناظرة في الذاكرة الأميركيّة الحيّة، وكتبت: لم يشاهد أحد على قيد الحياة مناظرة رئاسيّة مثل مهرجان الصراخ غير اللائق بين المرشحين.
أمّا “وول ستريت جورنال”، فتوقعت أن يكون الأميركيون قد أطفأوا شاشاتهم من الدقيقة الـ30 للمناظرة، فالحدث برأيها كان عبارة عن “مشهد من الإهانات، المبالغات والأكاذيب الواضحة”.
وحسب متابعين فقد كانت المناظرة عبارة عن مسرحية ضحك للأميركيين لـ90 دقيقة، وقدمت للجميع 90 دقيقة من “الترفيه” و”التسلية”، ربما يحتاجهما العالم بعد عام صعب من التدهور الاقتصادي وتفشي فيروس كورونا.
وكانت عبارة “سيدي الرئيس”، أكثر عبارة استخدمها المسؤول عن إدارة المناظرة مذيع “فوكس نيوز” كريس والاس، محاولاً إدارة الفوضى في النقاش، والطلب من ترامب التوقف عن مقاطعة منافسه بايدن.
ولم يكن غريباً محاولة والاس المتكررة مقاطعة ترامب عن الكلام، فالرئيس الأميركي أصر على التعليق والانتقاد عند كل إجابة لبايدن، لدرجة أنّ الأميركيين احتسبوا عدد المرات التي قاطع بها والاس ترامب وكانت 76 مرة، أمّا بايدن فقاطعه 15 مرة فقط ووصل الأمر بينهما إلى حد المشابكة الصغيرة .
واشتهر ترامب خلال المناظرة بتنمره المعتاد على خصومه السياسيين، خاصة بايدن، الذي أطلق عليه نعوتاً مختلفة كـ”جو النائم”، “جو المجنون”، و”جو النعسان”. لكن بايدن واجه ترامب بشراسة هذه المرة وجهاً لوجه، سخر منه، انتقده، وأطلق عليه الكثير من النعوت التي تبرز غضبه.
وتخلل حديث ترامب العديد من الإدعاءات الكاذبة والمضللة، رصدتها الكثير من وسائل الإعلام الأميركيّة، ومنها توقعه قرب إيجاد لقاح لفيروس كورونا، بينما يؤكد كبار مستشاريه الصحيين عكس ذلك.
وفي نهاية المناظرة تعهّد بايدن الاعتراف بنتيجة الانتخابات، في حين تهرّب ترامب من الإجابة على السؤال.