شهدنا مؤخراً صدور قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باعتماد التسعير المركزي لمجموعة من المواد الغذائية، حيث تضمن السعر تحديد هامش الربح لكل من المستورد والمنتج بحد ١٥% و١٠% لتاجر الجملة و١٥% لبائع المفرق، مع الإشارة إلى أن الأسعار المحددة تعتبر مناسبة، وربما حازت رضى المستهلكين على خلاف التجار والمستوردين الذين لم يخلُ استياؤهم من الأسعار والقرار برمته.
الحقيقة أنني غير مهتم برضا التجار والمستوردين، فهم بحقيقة الأمر مازالوا يحققون أرباحاً باهظة على حساب الدولة والمواطن في آن معاً، إلا أن القرار وعلى الرغم من إعلان الوزارة أنه سيحمل صفة الدورية، أي إنه سيتغير كل فترة، لكنه تضمن مجموعة من نقاط الضعف، قبل الخوض فيها لابدّ من الإشارة إلى أن هذا القرار جاء تماشياً مع تحرك بدأته الجهات المعنية لضبط الأسواق تضمن عدة محاور كان أهمها اعتماد آلية تسعير موحدة بالتعاون بين مختلف الجهات المعنية من وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومصرف سورية المركزي والمديرية العامة للجمارك، بحيث يؤخذ بالحسبان الكلف الحقيقية لأي منتج حتى وصوله إلى المستهلك، ليتم عندها تحديد السعر النهائي للمستهلك، وبالتالي القرار جاء منقوصاً وإن أخذ في تفاصيله جوهر التحرك، إلا أنه صدر منفرداً من جهة وحدها المتمثلة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ناهيك أن البعض يؤكد أنه لم يراعِ الكلف الحقيقية التي يتحملها المنتج.
بالعودة إلى نقاط الضعف، فالقرار جاء عاماً ولم يدخل في تفاصيل المنتجات المحددة سعرياً، وبالتالي فإن المجال أصبح متاحاً لتلاعب عبر تقديم أصناف نوعٍ ثانٍ لتباع بالسعر المحدد حسب القرار، وبالتالي ومنطقياً سوف يلجأ أغلب التجار إلى بيع منتجات النوع الثاني بأسعار النوع الأول، ليحققوا أرباحاً لا يستحقونها على حساب الدولة والمواطن في آن معاً.
نقطة الضعف الأخرى التي ستواجه تطبيق القرار لها علاقة بآلية الرقابة على البيع بالأسعار التي تضمنها القرار، وهي الآلية الحالية الضعيفة والقاصرة نفسها والتي ستفتح الباب واسعاً أمام عناصر الضابطة التموينية لتقاضي الرشاوى من التجار الذين لن يلتزموا في التسعيرة المحددة وخاصة أنها لم تراعِ الكلف الحقيقية، وهنا لا بد من العودة للتحرك الذي تحدثت عنه في مقدمة حديثي، حيث كان من المفترض أن يترافق التسعير الموحد مع تشديد العقوبات على المخالفين تموينياً، لتكون رادعة، الأمر الذي يؤكد قصور القرار الأخير، فالعقوبات الحالية والتي يتضمنها قانون حماية المستهلك غير رادعة على الإطلاق، فهي لا تشتمل على عقوبات جزائية، أما الغرامات فهي لا تتجاوز مربح ساعة واحدة لأي بائع.
كلمة الموقع -باسل معلا