في ظل الارتفاع الكبير بأسعار مواد البناء، شهدت العقارات قفزة غير مسبوقة، وبخاصة بعد رفع أسعار الإسمنت والحديد منذ مدة، إذ ارتفعت أسعار العقارات 30% مقارنة بما كانت عليه. ما فاقم حاجة السوق المحلية من المنتجات العقارية، وزاد من الطلب على الشقق السكنية المقدرة سابقا بأكثر من مليون شقة علما بأن هذا الطلب يزداد سنويا تحت تأثير التزايد السكاني من جهة وجراء الحرب العدوانية على سورية والخراب والتدمير الذي ألحقته المجموعات المسلحة بمنازل المواطنين في العديد من المحافظات وتهجيرهم الى مناطق أخرى آمنة من جهة أخرى.
الزيادة في أسعار الحديد والاسمنت ألحقت ضررا بالغا أيضا بالكثير من المهن والقطاعات والصناعات المرتبطة بالاستثمار العقاري وأصابتها بالشلل التام، وأدت الى توقف الاستثمار فيها وفتحت الطريق أمام السماسرة والوسطاء وتجار العقارات لاستغلال حاجة المواطنين الماسة الذين دفعتهم الظروف لشراء منزل متواضع بمناطق المخالفات أو السكن العشوائي التي وصل السعر المنزل فيها بحدود 80- 100 متر مربع مابين 30 – 40 مليون ليرة ،رغم عدم توفر الكثير من الشروط الأساسية والخدمية بتلك المنازل وافتقارها لأبسط معايير و ضوابط البناء السليم والمقومات الصحية والبيئة.
التأثيرات السلبية لارتفاع مواد البناء طالت حركة مشاريع القطاعين العام والخاص حيث أسهمت موجة الغلاء في توقف العديد المشاريع الحيوية وأدت الى وقفها نتيجة الزيادة الكبيرة على أسعار المواد، مما يؤدي إلى فقدان توازن العقود وخسارات كبيرة لا يستطيع ان يتحملها اي منفذ أو متعهد، ولكن يبقى المتضرر الأكبر والخاسر الوحيد من هذه الارتفاعات هو أصحاب الدخل المحدود.
قطاع العقارات في سورية من أكثر القطاعات فوضى حيث لا قانون يحكم حركة سعر البيع والشراء لذلك لابد من العودة لسيطرة الجهات الحكومية على أسعار العقارات والتدخل في الأسواق وفرض الأسعار والتركيز على التنظيم والتخطيط العمراني وانشاء معامل للحديد والاسمنت في ظل الحاجة المتزايدة خلال مرحلة إعادة الاعمار، وردع تجار الأزمات والمضاربين ، وايجاد حل لمشكلة مناطق السكن العشوائي والمخالفات وتنظيمها ووضع رؤية حقيقة لهذا الملف الشائك الذي ينطوي على أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطنين القاطنين بالدرجة الأولى.
أروقة محلية- بسام زيود