تنشط شبكات السوق السوداء على هامش الأزمات التي تنشأ على مادة أو سلعة ما، وخاصة بعض السلع ذات معدلات الاستهلاك المرتفع من أجل الحصول على أرباح كبيرة، استغلالاً لحاجات المواطن المستهلك.
والأمثلة على ما سبق كثيرة، فالمحروقات تعتبر مثالاً على ذلك، وكذلك رغيف الخبز، والدخان الوطني هو المثال الأكثر حضوراً عند المدخنين حالياً، والذي ما زالت أسعاره توالي ارتفاعاتها في السوق السوداء، حيث تجاوز سعر علبة الحمراء الطويلة الألف ليرة مثلاً مع أن سعرها النظامي هو خمسمئة ليرة، فيما تبدو الجهات المعنية بهذه المادة عاجزة عن فعل أي شيء لإعادة الأمور إلى نصابها.
فقد استطاعت شبكة السوق السوداء الخاصة بالدخان الوطني السيطرة بشكل شبه كُلّي على أسواق هذه السلعة في المحافظات كافة، كمّاً وسعراً، خلال فترة قصيرة فقط، وأصبح من المستحيل الحصول على هذه المادة بشكل نظامي.
عند بدء ظهور المشكلة جرى الحديث بأن سببها زيادة الطلب على الدخان الوطني نظراً لسعره المنخفض مقارنة مع أسعار الأجنبي، وقد وضعت مؤسسة التبغ رقم هاتف من أجل تلقي الشكاوي، كإجراء شكلي لم يكن كافياً، ثم بدأت بالإعلان عن قوائم التوزيع المعتمدة بكل محافظة عبر صفحتها الرسمية، ومع ذلك لم تسفر هذه الآلية عن جديد، تلا ذلك الإعلان عن توفير المادة عبر صالات السورية للتجارة، على أن توزع بمعدل علبتين لكل مواطن، لكن ذلك لم يحقق أية نتائج إيجابية، ثم جرى رفع سعر المادة رسمياً مما فاقم المشكلة أكثر، والنتيجة أن المادة أصبحت محتكرة كلياً من قبل شبكات السوق السوداء وبسعر مرتفع، وما زالت تسجل المزيد من الارتفاع على أسعارها .
كما أسلفنا تم تحديد السعر الرسمي لعلبة الدخان الحمراء الطويلة بمبلغ خمسمئة ليرة للمستهلك بعد أن كان ثلاثمئة ليرة، وقد تجاوز سعر هذه العلبة في السوق السوداء الألف ليرة، وكذلك كانت حال النسب على بقية الأصناف تقريباً.ً
فما هو ربح هذه الشبكات يومياً و شهرياً وسنوياً، قياساً بعدد المدخنين في حال استمرار سيطرة هذه الشبكة على هذه المادة من إجمالي عدد المدخنين ؟!.
يبدو أن معاناة شريحة المدخنين من فقدان وارتفاع أسعار الدخان الوطني إلى جانب الدخان الأجنبي ستطول، لأن وراء هذه المعاناة سوقاً سوداء على درجة عالية من التنظيم والتعتيم وقد يصعب اختراقها .
عين المجتمع – ياسر حمزه