الثورة أون لاين- ترجمة ميساء وسوف:
تشير العديد من التقارير إلى أن تركيا قد أرسلت الآلاف من المرتزقة إلى أذربيجان قبل اندلاع الصراع الأخير مع أرمينيا حول إقليم ناغورني كراباخ المتنازع عليه.
وحسب تقارير غير مؤكدة، فإن اندلاع أعمال العنف بين أرمينيا وأذربيجان تسببت في سقوط مئات الضحايا في غضون أيام قليلة فقط، ويعتبر هذا أسوأ اندلاع للاشتباكات الدامية منذ الحرب الحدودية التي جرت بين البلدين في عام 1994.
ومع ذلك، فإن نشر المرتزقة المدعومين من تركيا في الإقليم المتنازع عليه بين الدولتين يشير إلى رغبة أنقرة بإثارة العنف في هذه المنطقة.
وقد اعترفت وزارة الدفاع التركية بنشر قوات مسلحة نظامية وتنفيذ مناورات حربية في أذربيجان خلال الأشهر الأخيرة، والتي أعقبت اشتباكاً طفيفاً ولكنه كان خطيراً مع الجيش الأرميني في منتصف تموز.
مرة أخرى، تشير الأحداث الأخيرة إلى وجود قرار متعمد من جانب تركيا لتصعيد النزاع الإقليمي الطويل الأمد بين أذربيجان وأرمينيا. والجدير بالذكر أنّ تركيا تشترك مع أذربيجان في علاقات ثقافية قديمة حيث إن القيادات في أنقرة وباكو تتحدان تحت شعار “دولتان .. أمة واحدة”.
وكان الرئيس التركي رجب أردوغان قد قام بتضخيم مظالم أذربيجان بشأن ناغورني كراباخ وتعهّد بدعم “الأشقاء الأذربيجانيين” عسكرياً ضد “الغزو الوحشي”، حسب تعبيره، من قبل أرمينيا. ويؤجج خطاب أردوغان هذا تصاعد العنف الذي قد ينفجر ويتحول إلى حرب إقليمية واسعة.
أما روسيا والتي تتمتع تقليدياً بعلاقات قوية مع أرمينيا، بالإضافة إلى التزامها بمعاهدة دفاع مشترك للدفاع عن البلاد، فقد تنجرّ مع أعضاء آخرين في حلف الناتو العسكري إلى الصراع الدائر فيما إذا انخرطت تركيا، العضو في الناتو، بشكل علني في الحرب إلى جانب أذربيجان.
لذلك تحث موسكو وقوى دولية أخرى، الطرفين المتنازعين على ضبط النفس وعدم التورط بالمزيد من الأعمال العسكرية والعودة إلى الحوار لحل النزاع بشأن ناغورني كراباخ.
ومما لا شكّ فيه أنّ التحركات التركية الحالية تجاه أرمينيا تعكس الخلفية التاريخية الخطيرة حين نفّذت تركيا العثمانية الإبادة الجماعية بحق الأرمن بين عامي 1915 و 1916 الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1,5 مليون شخص أرمني.
ومما يثير القلق أنّ تركيا أعادت على ما يبدو نشر أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين تستخدمهم في سورية بالنزاع، وبالنظر إلى أن هؤلاء المقاتلين المدعومين من تركيا مرتبطون في الغالب بشبكات إرهابية مثل جبهة النصرة وغيرها من الجماعات التابعة للقاعدة في سورية، فإن التخوف هو أن الصراع مع أرمينيا يمكن أن يتحول إلى حرب دولية واسعة النطاق.
هذا بالإضافة إلى وجود تقارير موثوقة عن اعتراف مسلحين يقاتلون في سورية بتجنيدهم من قبل شركات الأمن التركية الخاصة، فقد نُقل عن أحد هؤلاء المقاتلين قوله: “الآلاف منا مستعدون للذهاب إما إلى ليبيا أو أذربيجان”.
إنّ السجل التركي العدواني واضح تماماً هنا، فتركيا هي التي أغرقت سورية بالجماعات الإرهابية المتطرفة في الحرب الفاشلة، وهي تقوم الآن بنشر وكلائها المتشددين في ليبيا حيث تدعم حكومة الوفاق في طرابلس، وبالنسبة لتركيا فإنّ إرسال المقاتلين إلى أذربيجان سيكون مهمة لوجستية أسهل بكثير وذلك نظراً للحدود القريبة والمشتركة معها.
أما فيما يتعلق بأردوغان، فإن دعم بلاده لأذربيجان هو إكمال لطموحاته العثمانية الجديدة في تعزيز نفوذ أنقرة الإقليمي، كما تندرج سورية وليبيا إضافة إلى اليونان وقبرص، فيما يخص مطالباته الإقليمية في شرق البحر المتوسط، ضمن هذا المخطط من “التعظيم القومي لأردوغان”.
ورغم ذلك، فإن فشل أردوغان الذريع في سورية، وتدخل روسيا التي هبت لمساعدة حليفتها دمشق في حربها ضد الإرهاب، قد يعطي السلطان العثماني أردوغان حافزاً لمواجهة خطيرة مع موسكو في أرمينيا.
إنّ التحريض على حرب طائفية، على النمط “التكفيري” في جنوب القوقاز، وعلى الحدود الجنوبية لروسيا سيكون بمثابة تحد من رأس النظام التركي الميكافيلي، كما يمكن للمرء أن يتكهن أيضاً بأن قوى الناتو ستستمتع بهذا النوع من التصعيد في مواجهة موسكو .
المصدر Information Clearing House