دفعة واحدة تخلت عن عاداتها، أقلعت عنها نهائياً، لم تعد تستمع إلى أغنيات صباحية، ولا تشرب قهوتها وسط، حتى التباعد الاجتماعي والكمامة، باتت غالباً تعتبرهما مجرد كذبة صاغوها كي نتلهى.
تطرفت حتى أبعد حدود التطرف، واستنفرت قواها، وغربلت كل ما لايقنعها، وتهيأت لصنع ابتسامة، في بعض المواقف كانت تحاول أن تفرج عن أسنانها، ولكنها كانت تبدو صعبة في الصباحات التشرينية، الخريفية…
تلك التي تحمل كماً هائلاً من الشجن..تجعلنا نتقاذف بين ما مضى وما بين ما سوف يأتي…!
أدركت في استرسالها..أنها على الأقل ونحن نحتفل باليوم العالمي للابتسامة…
علينا أن ننسى كل شيء..!
بدا مجرد التفكير بالأمر مضحكاً، إذا لقد فعلت الابتسامة مفعولها السحري، حينها تذكرت (هارفي بال) مخترع “السمايلي” الضاحك،الذي اخترع الفكرة قبل واحد وعشرين عاماً، وحتى بعد وفاته أنشئت مؤسسة تتكفل باحتفالات اليوم العالمي للابتسامة، في نهاية اليوم حصيلة الأموال تحول لصالح الأعمال الخيرية، والتشجيع على الفرح…
تداعيات الابتسامة، توقعتها بسيطة، ولكن حين بدأت التفكير بتفعيلها، وهي في هذا الوضع الكارثي، بدت مضنية…
ربما هذا الوهن الجسدي، والاسترخاء طيلة النهار، وتشغيل العقل، لايورث إلا الكآبة، نهضت سريعا اختارت فستانها الأصفر المورد رمت إلى جانبه بعض الإكسسوارات اللامعة، جهزت بما يليق بابتسامة ساحرة..
حين بدأ اهلها بتوصيتها بشراء الكثير من الأغراض التي تنقص المنزل، عندما علموا بخروجها..بدأت تكتشف عبثية جهدها الضائع..
قمعت تفكيرها..
وقالت أنت لاتحبين تحمل المسؤولية..كوني متعاونة..!
بالطبع أعادت فستانها الأصفر إلى مكانه، واختارت من الملابس فستانا آخر أبيض…ليته كان الاحتفال بيوم السلام مع مسير ماراتوني..فملابسها الآن تناسب المرحلة..وفعلا ضحكت بعمق وبقيت الابتسامة على وجهه ثوان…!
ببساطة وبلا أي جهد..نتمكن من صنع ابتساماتنا الخاصة، الأمر لايحتاج لكل هذه التحديثات الحياتية والتعقيدات الفكرية..
بعض من التعاطي بعبثية..وسخرية…حين يكون لامفر من الهروب من تلك اللحظات الثقيلة الظل التي تجثم فوق ظهورنا..
أغلقت باب المنزل..وتابعت ابتساماتها فيما كل ماحولها يعتبرها تعاني من خطب ما..!
رؤية – سعاد زاهر