من الواضح أن أوروبا عاجزة عن اتخاذ أيّ مواقف معاكسة للولايات المتحدة في مقاربتها لكل قضايا العالم، إن لم نقل إنها متواطئة معها في سياساتها العدوانية، وفي أضعف الإيمان تابعة لها ولا تستطيع أن تخرج من تحت عباءة هيمنتها.
ولنا عشرات الأمثلة التي تؤكد هذه الحقيقة، من سورية إلى القوقاز مروراً بالعلاقة الأوروبية مع روسيا والصين، وانتهاء بمحاباة الاتحاد الأوروبي للكيان الإسرائيلي في كل سياساته الاستيطانية وممارساته الإجرامية بحق الفلسطينيين ومحاولة شطب حقوقهم نهائياً من القاموس السياسي.
ففي سورية لم تستطع أوروبا عبر سنوات الحرب العدوانية العشر إلا أن تكون بوقاً لسياسات واشنطن وداعمة لها، فحاصرت السوريين وشدت من أزر الإدارة الأميركية في إرهابهم وسرقة ثرواتهم واحتلال أرضهم، ومؤخراً كررت هذا النهج العدواني عبر بيان اتحادها الذي بني على النفاق والتضليل الذي دأب عليه خلال سنوات الحرب الإرهابية الطويلة.
ولعل أكثر ما يثير السخرية أن الاتحاد الأوروبي لم يجد سوى أوراق واشنطن المحترقة لينفخ في رمادها المتناثر، فاستخدم الملف الكيميائي السوري ذريعة للاستمرار في نشر أكاذيبه ضد سورية، ومدد عقوباته الظالمة التي فرضها على السوريين لمدة عام إضافي بذريعة تطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية المزعومة، مع أنه يعرف قبل غيره أن سورية تخلصت من مخزونها من هذه الأسلحة بإشراف أممي منذ عدة سنوات، ويعلم قبل غيره أنها لا تمتلك الآن أي أسلحة كيميائية وأنها نفذت التزاماتها مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشكل تام.
لن نتحدث هنا عن عدم صدقية الموقف الأوروبي، فقد فتقد موضوعيته وصدقيته وحياديته في عشرات القضايا منذ زمن بعيد وتماهى مع سياسات واشنطن العدوانية، بل وارتضى أن يكون تابعاً لها، ولنا في العقوبات الأوروبية على سورية وتناغمها مع الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها واشنطن بهدف تجويع الشعب السوري ومحاربته في لقمة عيشه خير دليل وشاهد، فقد كانت العواصم الأوروبية في مقدمة العالم التي منعت وصول الدواء والغذاء والطاقة للسوريين، فليس غريباً إذاً على الاتحاد الأوروبي أن يكرس سياساته المنافقة في أيامنا!.
البقعة الساخنة- بقلم مدير التحرير أحمد حمادة