الثورة أون لاين – ريم صالح:
كم هو غريب حال النظام الأمريكي المارق على الشرعية الدولية ، فهذا النظام العدواني لم يترك بلداً أو دولة دون أن يفرض عليها عقوباته القسرية الجائرة، غير القانونية، وغير الشرعية، و حتى موسكو هي الأخرى لم تسلم من هذه العقوبات الباطلة، والتي استهدفت هذه المرة مشروع خط أنابيب الغاز “التيار الشمالي – 2 “، وإن كان عبر تمديد هذه العقوبات المفروضة أصلاً على المشروع من قبل.
ما الذي تريده واشنطن من حراكها المسعور هذا؟!، وما هو هدفها الحقيقي من تمديد عقوباتها على مشروع “التيار الشمالي – 2” ؟!، وهل تظن حقاً أنها ستكون الآمرة الناهية في كل الملفات والقضايا، وما تريده وحدها سوف يكون؟!.
إدارة الخراب الأمريكية، وأينما وجدت نفثت سمومها السياسية، والمشهد الذي نراه اليوم، ونقصد به تحديداً لغة العقوبات القسرية احادية الجانب، يأتي في سياق البلطجة التي تتبعها واشنطن قولاً وفعلاً، نظرية وتطبيقاً، وفي كل الأصعدة والملفات.
ولايات الشر الأمريكية تتوهم بأنها بعقوباتها على مشروع “التيار الشمالي – 2” قد تتمكن من فرض هيمنتها المطلقة على أسواق الغاز العالمية، وبالتالي وحدها من سيخول له التصرف بكل مصادر الطاقة، هي فقط من يحق له بيع الغاز والمتاجرة به، وابتزاز الأوروبيين ومساومتهم من خلاله، ما نقوله ليس مجرد كلام وإنما هو حقيقة ماثلة للعيان، أو ليست هي من سرقت ولا تزال النفط والغاز السوريين، وهي أيضاً من سبق ووضع يده على مقدرات وثروات العراقيين من الثروات النفطية، وهاهي اليوم تحاول أن تتفرد بسوق الطاقة عبر فرض عقوباتها الظالمة على مشروع الغاز الروسي.
عين أمريكا التخريبية ترنو اليوم صوب روسيا، فحاولت مراراً وتكراراً تطويق موسكو بسلسلة غير متناهية من الأزمات، فقضية المعارض الروسي الملفقة أليكسي نافالني لا تزال حاضرة في الأذهان، وكان الهدف من ورائها محاولة خنق موسكو بمجموعة من العقوبات غير الشرعية، لتقزيم الإنجازات الروسية، وحرفها عن مسارها الصحيح، وإضاعة وقت موسكو بأمور ثانوية وتضليلية.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، سبق وقال ذلك صراحة، بأن نظام بلاده يشكل تحالفا لمنع استكمال مشروع “التيار الشمالي 2″، ويعمل كل ما في وسعه حتى لا يكتمل بناء خط الأنابيب، ملوحاً بأنه قد يلعب على وتر قضية نافالني التي نعي تماماً بأنها مفبركة والهدف منها أولاً وأخيراً حشر موسكو في خانة العقوبات عبر إدانتها بجريمة باطلة لم ترتكبها أصلاً، ولا يوجد أي دليل حسي، أو ملموس يجرم موسكو، بل كل ما يتم تداوله مبني على جملة من الادعاءات والمزاعم المختلقة.
عقوبات امبراطورية الظلام والإرهاب الأمريكية وبحسب مصادر أمريكية لن تتوقف فقط عند مشروع “التيار الشمالي – 2” إنما ستمتد لتشمل خط غاز “نورد ستريم 2” المتجه إلى ألمانيا، بالإضافة إلى “التيار التركي” من خلال حزمة العقوبات “كاتسا”.
ومن الضروري التنويه إلى أن مشروع “التيار الشمالي-2” يتضمن بناء خطين لأنابيب الغاز بطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، من الساحل الروسي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا. وكان من المخطط اكتمال بناء المشروع في عام 2019، ويمر خط أنابيب الغاز عبر المياه الإقليمية أو المناطق الاقتصادية الخالصة لروسيا وفنلندا والسويد والدنمارك وألمانيا.
وبعد ذلك كله ألم يحن الوقت لأنظمة التبعية الأوروبية أن تقف وقفة واحدة، وتقول لواشنطن كفى؟!، أما آن الآوان لتضع للنظام الأمريكي حداً وخطوط حمراء لا يتجاوزها، أم أن أوروبا ارتضت الخنوع والتبعية والولاء الأعمى للأمريكي، وإن كان على حساب مصالحها السيادية والقومية؟!.