تجاوزنا مرحلة الحرائق.. بألمها وخسائرها وتراخي بعض المعنيين وسلبيتهم التي طالت رئة سورية.. تجاوزناها زمنياً، ولكنها لا تزال ماثلة أمامنا بشحمها ولحمها المحترقين على مد النظر.. هي مرحلة مضت زمنياً ولكنها لم تمض فعلياً بالنظر إلى أن مضيّها قائم على نشاط الجهة التنفيذية المعنية بها والمقصود هنا محافظة اللاذقية، فحتى اليوم لم تصدر بيانات جامعة شاملة لكل الأضرار التي طالت الغابات والأشجار المثمرة والأملاك حتى تكون منطلقاً لكل الجهات المشاركة في المتابعة والحل..
وعلى ذات المنوال نسجت وزارة الزراعة التي لم تحدد حتى اليوم كذلك خطة محددة وواضحة لإعادة التشجير بل لم تحدد حتى توليفة الغراس التي ستكون غابات وأشجار المستقبل، فهل سيتم اعتماد الصنوبر المثمر أم العقيم، وهل سيتم تخصيص مساحات للسنديان الذي يحتاج عقوداً ليغدو غابة شبيهة بما حرقه الإهمال واللامبالاة؟
هي صدمة وخسارة على مستوى الوطن كلّه، وكارثتها ليست ملف وزارة واحدة أو وزارتين (اللهم إلا إن كانتا ذات أداء استثنائي) بل يجب توزيع المهام وتلافي تركها بيد جهة تنفيذية واحدة، الأمر الذي يمكن معه (كاحتمال) تشكيل لجنة زراعية فنية تخصصية من كل كوادر وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين تجري مسحاً ميدانياً لكل المساحات المحروقة وتحدد الخسائر بشكل دقيق من كل نوع من أنواع الأشجار والحراج وسواها، مع وضع خطة زمنية دقيقة لإعادة التشجير تكون مُتضمنة لتوليفة من المهام الموزعة بين مختلف الجهات القادرة على المشاركة..
هو وضع لا يحتمل اللجان والدراسات والاجتماعات وزيارات لسوق الجمعة والجولات على محطات الوقود بعد أن حُلَّت مشكلة البنزين، بل هو وضع يستلزم همّة عالية وابتعاداً عن الذات بل ويستلزم سباقاً مع الزمن لأن كل يوم يمر على الاحتراق يعني تآلف العين والأرض مع الوضع الجديد في حين تنهض إمكانية تغيير الواقع الأسود المحترق بواقع أخضر زاهٍ.
ثقة لا متناهية مع المواطن المتضرر سيخلقها العمل الجاد الدؤوب لإعادة اللون الأخضر إلى الساحل السوري الذي كان ومازال متنفساً لكل مواطن سوري وثروة وطنية قل نظيرها حتى في الدول المجاورة والإقليمية.. وكله قائم على أساس واحد، المبادرة الصادقة..
الكنز- مازن جلال خيربك