الملحق الثقافي: عقبة زيدان :
في كتاب «المداران الحزينان»، يدرك كلود ليفي شتراوس أن الطبيعة تمكنت من الحفاظ على مستحاثات ملاصقة لبعضها البعض ومتحجرة، ولكن تفصل بين الواحدة والأخرى آلاف السنين، ويبدو هنا أن الزمان والمكان قد اختلطا فجأة. ويكون مثال شتراوس: صدفتين متحجرتين ضمن صخرة، إحداهما أقدم من الأخرى بعدة آلاف من السنين.
دراسة شتراوس الجيولوجية، تهدف إلى دراسة المجتمعات القديمة، لقناعته بأن الشعوب البدائية، هي نماذج مصغرة لما هو جوهري لدى النوع البشري ككل. أي أننا، ومن أجل إصلاح أنفسنا، علينا أن نستفيد من جميع المجتمعات، وألا نتشبث بعناصر من أي مجتمع محدد.
وفي حين يمثل التاريخ بالنسبة إلى الوجوديين أسطورة تبرر الحاضر – باعتبار الحاضر ذروة ما وصل إليه التاريخ – فإن شتراوس، كزعيم للبنيوية بلا منازع، يرى أن التاريخ يقدم لنا صوراً للمجتمعات السابقة، من دون أن يحدد إن كانت أفضل أو أسوأ من مجتمعاتنا الحاضرة.
هذه الصورة الشتراوسية الذكية، تنذرنا بعدم الالتصاق بفكرة التفوق ونبذ الآخر باعتباره أدنى. وفي حال لم نصغِ إليه، فإننا لن نكون أقل صلادة وقسوة من صدفتي شتراوس المتحجرتين.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء27-10-2020
رقم العدد :1018