الثورة اون ﻻين – آنا عزيز الخضر:
المسرح ذلك العالم الفريد بأدواته وعلاقته بالحياة، لن ينضب نبع إبداعه بوجود عشاق له، يبحثون عن التألق في عوالمه ومساحاته الواسعة، كي يستحضروا أبهى مفرداته لصياغة أجمل المعاني، التي تجعله وجهاً لوجه مع الواقع، أمينة له بالدرجة الاولى، متمسكة دوماً بالإمتاع الذي يخلق للابداع جمالية خاصة، تأخذنا إلى جمالية المفاهيم وعمقها والرؤيا الانسانية الاكثر سمواً. المفاهيم التي طرحت في مساحاته، بوجود مبدعين يتمسكون بهذه المعطيات، منطلقين من الأصول الاكاديمية، التي نسجت مع تفاصيل التجارب، جنباً إلى جنب مع دقائق الحياة وحقائقها..
هذه المعطيات وغيرها، تحدثنا بها مع الكاتب والمخرج «محمد المحاميد» الذي ألف كتاباً حول المسرح بعنوان «الف باء التمثيل وكتابة السيناريو»، كما أنه بصدد التحضير لاخراج عرض مسرحي بعنوان «الميترانباج» لصالح مديرية المسارح والموسيقى…
حول العرض والكتاب، وقضايا مسرحية أخرى، كان لنا اللقاء التالي مع الفنان «المحاميد» وكانت البداية حول «الف باء التمثيل وكتابة السيناريو» الكتاب الذي قال لنا عنه :
«كتاب “ألف باء التمثيل وكتابة السيناريو” من الكتب الضخمة، التي تتحدث عن فن التمثيل وكتابة السيناريو والتعقيدات التي ناقشها الكثيرون في كتاباتهم، تكلمت فيها الأقلام العديد من المرات، ولكل منهم طريقة في سرد الموضوع، قررت أن أقوم بعرض هذا الموضوع بطريقة سلسة، بعيدة عن كل التعقيدات، حتى يستطيع أي شخص فهمه.
لقد عملت على أن يكون هذا الكتاب هو الخطوة الأولى، والمدخل لمن يريد الخوض في مضمار فن التمثيل وكتابة السيناريو، فهو من الموضوعات التي شغلت الكثير من تفكيري ، وتفكير الكثيرين من المهتمين، فمنذ سنوات طويلة منذ أن وضعت قدمي على خشبة المسرح، كان يتبادر إلى ذهني الكثير من التساؤلات.. من هو الممثل؟.. ماهو الفرق بين الموهبة والاحتراف؟.. كيف أكون ممثلاً؟.. ما معنى كلمة سيناريو؟.. كيف أكتب سيناريو احترافيا؟.. والكثير الكثير من التساؤلات التي لا نهاية لها…
وبعد الغوص والابحار والقراءات الكثيرة والانخراط في الورشات العملية في التمثيل والإخراج المسرحي وكتابة السيناريو، والكثير من الأخطاء، وجدت الكثير من الأجوبة على تساؤلاتي، وكنت أدونها وألخصها في دفتري الخاص، فقررت أن أنشرها في كتاب، لعلي أستطيع تقديم بعض الاستفادة في هذا الموضوع الشيق والهام، حيث أعرض في هذا الكتاب المشكلة الموجودة وأسبابها، وأهم الدراسات التي تمت عليها. أيضا الأهداف من هذا الموضوع، كما طرق حل المشكلات التي تواجهنا من ممثلين، كتاب أخطاء كاتب السيناريو، وتطرقت لوجهات النظر المختلفة والبناءة في هذا المجال.
كتاب “ألف باء التمثيل وكتابة السيناريو” كتاب موجز سهل الاستيعاب، يأخذ القارئ في جولة عبر تاريخ التمثيل، منذ العصور القديمة وحتى وقتنا الحاضر من خلال التركيز على نقاط التحول الرئيسية في تاريخ التمثيل، وسنتعرف من خلاله على أهمية الممثل. وكيف تكتشف نفسك كممثل، ثم كيف تسقط أفكارك وكلماتك على الورق بشكل سيناريو احترافي ، وعلى أهم الكتاب والممثلين والنصوص العالمية.
وقد اخترت في هذا الكتاب نماذج معينة فقط من المؤلفين والممثلين العالميين الذين أكن لهم إعجاباً، وأغفلت مضطراً لأسباب تتعلق بحجم الكتاب وبالزمن، بعضاً منهم، مثل بيار كورناي وفولتير وشارلي شابلن.. وغيرهم، ولكن أملي أن أستدرك ذلك يوماً ما في بحوث أخرى…
* انت الان بصدد التحضير للعرض المسرحي ( الميترانباج) ماذا يحمل من جديد وماهي علاقته بواقعنا وماهي التفاصيل التي تركز عليها بين سطور العرض؟
الآن أحضر لإخراج نص مسرحي روسي بعنوان ( الميترانباج) للكاتب ألكسندر فامبيلوف لصالح المسرح القومي.
قمت باختيار النص من بين خمس عشرة مسرحية، تقع أحداث النص في زمان ومكان واحد، وهو عبارة عن سبع شخصيات، لكل منهم كاريكتر معين وحالة نفسية معينة، ضمن قالب كوميدي، فيه الكثير من الأفكار التي فيها إسقاط على الواقع الذي نعيشه حيث يعرض النص مشاكل اجتماعية تؤدي بالإنسان إلى التهلكة ومنها «الخوف و الوهم و الجهل وسوء النية والخيانة» لأنها السبب بما وصلنا إليه، ففي النص ما يحرك الشخصيات، وهو سوء النية والخوف من المجهول !! تطرقت في النص للحرب، لكن الحرب داخل الإنسان في كل زمان ومكان، صراع الإنسان الداخلي في عقله اللاواعي، لأن معركة الإنسان الحقيقية، هي ضد خوفه وجهله وأوهامه، وعليه أن يحارب الخوف والجهل، وألا يحكم على الأمور بسوء نية.
*كيف تنظر الى دور المسرح ومسؤوليته تجاه المجتمع؟
إن عالم المسرح هو أرض الأحلام التي نهرب فيها من حياتنا اليومية. المسرح طقس احتفالي،
يقدم المتعة والثقافة من خلال اللعب ضمن فضاء جميل، ومن جمالية المسرح أنه يجمعنا ويقربنا من بعضنا أكثر، فالمسرح عمل جماعي ، والإنسان اجتماعي بطبعه، والعمل الجماعي يولد المحبة والطاقة، ويرفع الثقة بالنفس، ويمكننا اعتباره الملجأ، ففيه يجتمع المبدعون، وتتكون بينهم المحبة وينتج عن هذا عمل مسرحي جميل.
في المسرح نحن نجمع من نحبهم ونذهب لحضور عرض مسرحي. في ظل التكنولوجيا التي تبعد الناس عن بعضهم محدثة العزلة بينهم، ليأتي المسرح ويجمعهم بأفراحهم وأتراحهم،
وفي المسرح نشاهد عملية الخلق الابداعي حية أمام أعيننا مباشرة..
المسرح هو الثقافة بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، أفعاﻻ وردود أفعال، تاثيراً وتفاعلاً كوسيلة ثقافية من الضرورة بمكان أن يكون لها الحضور الدائم في حياة الناس، تحمل بين تفاصيلها مسؤوليات واسعة تجاه المجتمع بكل أبعادها ومعانيها وسعتها.. هذا هو المسرح …