الثورة أون لاين:
تمكن فريق بحث دولي من الكشف عن شبكة من البحيرات، التي تقع تحت طبقات الجليد في القطب الجنوبي للمريخ، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف هذا النوع من التكوين المائي على سطح الكوكب الأحمر، والذي سيؤثر بشكل جذري على خطط أبحاث المريخ المستقبلية.
استند هذا الاكتشاف إلى 29 ملاحظة جمعتها مارسيس بين عامي 2012 و2015. وحالياً قام فريق يضم العديد من العلماء، الذين شاركوا في دراسة 2018، بتحليل مجموعة بيانات أكبر لـ 134 ملفاً جمعها الرادار بين عامي 2010 و2019، وبحسب الدراسة الجديدة فإن «Marcis» تبحث عن الماء تحت الجليد، بنفس الآلية التي يكتشف بها البحيرات تحت الجليدية في أقطاب الكوكب، حيث يطلق موجات الراديو على سطح الكوكب ثم يستقبل رد فعلها المختلف من الارتداد عن الصخور أو الثلج أو الماء.
وقالت الباحثة المشاركة إيلينا بيتينيلي، من جامعة روما: «لم نؤكد فقط موقع ومدى وقوة العاكس من دراستنا لعام 2018، ولكننا وجدنا ثلاث مناطق مضيئة جديدة، فالبحيرة الرئيسية محاطة بأجسام صغيرة من المياه السائلة، ولكن بسبب الخصائص التقنية للرادار، وبُعدها عن سطح المريخ، لا يمكننا تحديد ما إذا كانت مترابطة بشكل قاطع».
واستعار الفريق تقنية مستخدمة بشكل شائع في التحقيقات الرادارية للبحيرات تحت الجليدية في أنتراكتيكا وكندا وغرينلاند، لتكييف الطريقة لتحليل البيانات من مارسيس، وقال الباحث المشارك، سيباستيان لاورو، من جامعة روما «التفسير الأفضل الذي يوفق بين جميع الأدلة المتاحة هو أن الانعكاسات عالية الكثافة (من المريخ) تأتي من برك ممتدة من المياه السائلة».
وبما أنه لا توجد حرارة كافية في هذه الأعماق من الكوكب لإذابة الجليد، يعتقد العلماء أن الماء السائل يجب أن يحتوي على تركيزات عالية من الأملاح الذائبة. بحيث يمكن لهذه الأملاح الكيميائية (التي تختلف عن الملح الذي نستخدمه) أن تخفض درجة تجمد الماء بشكل كبير.
وفي الحقيقة، أظهرت التجارب الحديثة أن الماء الذي يحتوي على أملاح مذابة من المغنيسيوم وبيركلورات الكالسيوم (مركب كيميائي يحتوي على الكلور المرتبط بأربع ذرات من الأكسجين)، يمكن أن يظل سائلاً عند درجات حرارة تصل إلى 123 درجة مئوية تحت الصفر.
حيث البحيرة تحت الجليدية هي مصطلح يشير إلى وجود بحيرات المياه تحت الصفائح الجليدية، وتتشكل لأن الضغط العالي تحتها يقلل من درجة انصهار الجليد ويتحول إلى ماء.
على الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها العلماء وجود الماء في هذه المنطقة من القطب الجنوبي للمريخ، فتم اكتشاف بحيرة من المياه في نفس المنطقة لمدة عامين. كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم اكتشاف شبكة من البحيرات فيها.
وبحسب الدراسة، فإن هذا الكشف لا يؤكد فقط صحة نتائج الكشف الأول، بل يثبت أيضاً أنه لم يكن مصادفة، وأن وجود عدد من البحيرات يوحي بأنها كانت ظاهرة شائعة على سطح الكوكب الأحمر، ويشير أيضًا إلى أن جيولوجيا الكوكب تحمله كشيء طبيعي وممكن.
ولكن اللافت للنظر، أن هذا قد يجيب يوماً ما على السؤال الأكثر أهمية: إذا كان المريخ يحتوي في يوم من الأيام على الكثير من الماء، فأين ذهب كل ذلك؟ وبالتالي، فإن هذا يفتح باباً إضافيًا للأسئلة حول وجود الحياة على الكوكب الأحمر. في حين أنها صحراء قاحلة ذات مناخ سيء، يمكن العثور على الحياة في تلك البحيرات تحت الجليدية بين العناصر الغذائية للعديد من البكتيريا.