الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
وفق كل المقاييس والموازين فإن انسحاب قوات الاحتلال التركي من الأراضي السورية التي غزتها سيتحقق رغم كل غطرسة نظام رجب أردوغان وغوصه في سياساته العدوانية، لا بل إن تصريحات هذا النظام الخلبية والكاذبة عن انسحابه من بعض النقاط تعد إخفاقاً لمشروعه الاستعماري العدواني في سورية، وتصب في طريق الانسحاب التركي الكامل من الأراضي السورية.
فالنظام التركي ومنذ أن امتلكت الدولة السورية زمام المبادرة في الميدان، حاول يائساً وبدعم وتنسيق مع الأميركي والصهيوني إجهاض عجلة التقدم السوري المتسارع على الأرض بشتى السبل والوسائل والطرق، أكان ذلك عبر العدوان المباشر، والتهديد والتصعيد والممارسات الإرهابية ودعم الإرهابيين في انتهاكاتهم اليومية لوقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد، وقيادة المرتزقة في الشمال السوري من أجل إحداث تغيير ديموغرافي على الأرض بالتعاون مع الأميركيين، أو التماهي مع سياسة الضغط والحصار والعقوبات التي انتهجتها واشنطن.
لكن رغم كل فائض الإرهاب الذي يمتلكه تحالف العدوان ـ وضمناً النظام التركي- فلم يستطع أن يوقف قطار التقدم السوري على الأرض وتحرير المزيد من الأراضي وطرد الإرهابيين والمرتزقة منها، بل حتى أن تحالف العدوان عجز عن العرقلة في أشد الظروف الميدانية والسياسية صعوبة، بل واصل الإخفاق على كل المستويات السياسية والميدانية، وما يجرى هذه الأيام لا يمكن فصله عن جملة ما سبقه من سلسلة إخفاقاته المتراكمة.
إن تراجع المشروع الإرهابي لنظام أردوغان في سورية لا يأتي من قناعة هذا النظام بضرورة الكف عن سياسات العدوان بل بسبب انجازات الدولة السورية الميدانية في حربها على الإرهاب وتحرير مناطق جديدة كانت مؤجلة بحكم مسار “آستنة” والتفاهمات التي جرت مع النظام التركي والتي لم يلتزم بها.
وفي كل الأحوال يعتبر طرد الاحتلال التركي من أراضينا إنجازاً حقيقياً للدولة السورية بمنظومتها المتكاملة لم يكن ليتحقق لولا الإصرار السوري على فضح أجندات هذا النظام العدواني وتشديد الضغط على مرتزقته في محافظة إدلب، بحيث لم يعد أمامه سوى التقهقر أكثر، بانتظار ما ستفرزه المرحلة القادمة من الصمود السوري الميداني والسياسي، والذي راح يفرض قواعد ومعادلات اشتباك سياسية وميدانية جديدة، بفضل دماء الشهداء والبطولات والتضحيات الجسام التي قدمها رجال الجيش العربي السوري، وكانت رادعاً حقيقياً لكل من تسول له نفسه العبث بالمشهد السوري.
وفي العموم تؤشر الأحداث في عموم المنطقة وإدانة مختلف الدول بما فيها الأوروبية لسياسات أردوغان إلى الاتجاه بانكفاء جديد للنظام التركي على مستوى المنطقة بسبب إخفاقاته في أكثر من منطقة ورفض مشاريعه من قبل شعوب المنطقة وتنامي المعارضة الداخلية لسياساته، إضافة إلى افتضاح دوره الإرهابي وتنامي ظاهرة الغضب العالمي من سياساته وتدخلاته في الإقليم، وزيادة عدد أعدائه وخصومه، وما دامت دمشق تمتلك زمام قرارها وتحسن من موقعها ودورها في المنطقة بالقياس إلى حجم إنجازاتها، فهذا سيفرض بدوره على منظومة الإرهاب عموماً (أطرافاً ورؤوساً وأذرعاً) مقاربات جديدة لن تكون في صالحهم.