الثورة أون لاين – لميس عودة :
في خضم السباق الرئاسي المحموم الذي تشهده الولايات المتحدة الأميركية ، وكثرة التحليلات والتكهنات والتخمينات بمن سيفوز ، علينا أن نسأل : أي من المرشحين يريده الكيان الصهيوني أن يفوز ، هل هو دونالد ترامب الذي قدم له ما لم يكن تتوقع الحصول عليه ، وفرَّغ جعبته من هدايا الود المجانية وليس آخرها تنصيب نفسه عراباً للتطبيع المجاني ، لكسب ود اللوبي الصهيوني ، أم منافسه جو بايدن “ككرت” جديد يعول عليه هذا الكيان لتقديم مزيد من الهبات المجانية ، والسؤال الأهم هل تملك أميركا من سياستها في منطقتنا شيئا ، إن لم يقد الكيان الصهيوني خطوات عربدتها ، و يتحكم ببوصلة إرهابها الممارس في منطقتنا ؟ سؤال قد يعتبره الكثيرون مستغربا ، فأمريكا تمتلك قوة عسكرية كبيرة وصاحبة نفوذ وهيمنة واسعين ، وهي قادرة على إشعال الحروب والنزاعات ولا تحتاج لمن يرسم لها استراتيجيتها ، إلا أن الحقيقة أن أميركا يتم التحكم بها بكونترول المشيئة الصهيونية ، وكل كلام غير ذلك يجافي الحقيقة ويبتعد كثيراً عن فهم الآلية التي يدار بها عمل الإدارات الأميركية .
فالعلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تشكل حجر الزاوية للمصالح الصهيو- أمريكية الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط ، وليس خافياً على أحد أن الدعم اللامحدود الذي تغدقه أمريكا على ربيبتها الإرهابية “إسرائيل” سواء بملء مشيئتها الاستعمارية ، أم عنوة بضغط من المنظمة الصهيونية “ايباك” التي تضيِّق الخناق على القرار الأمريكي وتوجهه حسب الرغبة الصهيونية .
إذ يسعى اللوبي الصهيوني في أمريكا دائماً إلى الضغط في اتجاه انتخاب رئيس موال لكيانه الغاصب من خلال تمويل الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة ، وعندما يشتد التنافس الانتخابي بين المرشحين يمكن للتصويت “اليهودي” أن يحسم الأمر لمصلحة هذا المرشح أو ذاك ، وعليه فإن الكتلة الناخبة اليهودية لها “ثقل”مؤثر ضمن حسابات الساسة الأمريكيين ، كما أن جميع المرشحين يسعون إلى التعريف بذاتهم أمام منظمة «إيباك» الصهيونية ومنظمات أخرى في اللوبي إدراكاً منهم أن دعمهم لهم يسهِّل حصولهم على المساعدات والعطايا المالية ويشجع الناخبين على التصويت لهم .
ويلعب اللوبي الصهيوني دوراً أساسياً في توجيه السياسة الأمريكية الخارجية وذلك من خلال وسائل تأثير أخرى منها تحريف الحقائق والمعلومات والوثائق السرية ، إذ إن المسؤولين في اللوبي لايترددون في ربط علاقات وطيدة مع خبراء الاستخبارات وزيارة مقر «سي آي إيه» والإدلاء بمعلومات تدفع في اتجاه اتخاذ قرار فيه مصلحة الكيان الصهيوني ، وتقديم تقارير مغرضة وفبركات كاذبة عن وضع ما ، وتوجيه اتهامات باطلة لمن يريد الكيان الصهيوني استهدافهم .
وتأكيداً على ذلك فقد سبق للإرهابي آرييل شارون ، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق ، أن قال بأن اللوبي الصهيوني بأمريكا يتحكّم بوسائل الإعلام الأمريكيّة ، ويتحكم أيضا بأعضاء الكونغرس ، وهو لا يسمح للكونغرس باتخاذ أيّ قرار ضدّ “إسرائيل”، مشيراً إلى النفوذ الصهيوني يُهيمن تماماً على الساحة الأمريكيّة وأن “السفارة الإسرائيليّة” في واشنطن هي التي تُملي عملياُ أجندتها على الكونغرس .
لجنة الأيباك تصنع القرارات الأميركية
تمارس هذه اللجنة الهيمنة عل كل القرارات الأميركية سواء عبر التأثير المباشر ، مثل الاتصال بكل من السلطة التنفيذية والتشريعية ، أو التأثير غير المباشر ، مثل تعبئة الرأي العام ، وخلق اتجاه عام يؤثر على صانعي السياسة ، لإقناعهم بقرار يحقق مصلحة الكيان الصهيوني ، وتبعاً لذلك استطاعت الجماعات “اليهودية” بدعم من الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك) عام 1959 ، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها لوبياً صهيونياً .
وتتألف لجنة إيباك من رئيس ومدير تنفيذي ، ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي ، ومنظمة بناي بريث ، بدعم لجنة إيباك لخدمة الحركة الصهيونية و”إسرائيل” ، وذلك من خلال دعم اللوبي الصهيوني ، وزحف نفوذه في الكونغرس الأمريكي ، ومواقع القرار الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية .
لجنة إيباك هذه تحرص على أن يحضر ممثلها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس الأمريكي ، ليوزع البطاقات ، ويتصل بكل موظف من أعلاهم درجة إلى أدناهم ، أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائما ، عضو من التجمع المؤيد لكيان الاحتلال ، ويطالع سجل الكونغرس بانتظام ، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع زيارات من قبل اللجنة.
وقد شن اللوبي الصهيوني على مدى السنوات السابقة حربه على أعضاء الكونغرس الأمريكيين الذين حاولوا الوقوف إلى جانب الحق العربي ، حيث يتم إلصاق تهمة” معاداة السامية” ، وهي التهمة المعلبة الجاهزة التي يشهرها اللوبي بوجه كل من يحاول الوقوف على ضفة الحق ، واستطاع هذا اللوبي الضغط على الإدارات الأمريكية المتعاقبة للإبقاء على المساعدات الأمريكية التي بلغت قيمتها التراكمية خلال الفترة (1951-2020) نحو 157 مليار دولار، منها 61 في المئة كانت على شكل مساعدات عسكرية .
هذا غيض من فيض السيطرة الصهيونية على مواقع القرارات في أميركا ، وبالتالي لن يصل إلى سدة الحكم في أميركا إلا من يرى الكيان الصهيوني أنه سيخدم مصالحه وأجنداته التخريبية أكثر في المرحلة الحالية