عندما نجوب شوارع المدينة في رحلاتنا اليومية التي تختلف من شخص لآخر كل حسب وجهته لتحقيق هدف يسعى إليه، نضع في تصوراتنا النقاط الأساس التي ستساعدنا للوصول إلى المبتغى، وهي أسماء الشوارع والأماكن التي باتت تشكل بصمة دامغة وهوية ثابتة لذاك الشارع أو تلك الساحة..
وتساؤلات كثيرة تخترق الذاكرة المتعبة عن أصل تلك الأسماء وتاريخها وإنجازاتها التي استحقت أن تكرم بإطلاق أسمائهم على تلك الشوارع والساحات، وهل حقاً تدرك أجيال اليوم أهمية تلك المسيرة الغنية لهؤلاء النخبة من العلماء والمفكرين والأدباء والشهداء ممن أثروا العالم بأفكارهم، وهل احتفت الكتب المدرسية بسيرهم الذاتية، أم باتوا علامات نرددها دون أن تهتز أرواحنا لهم، ودون أن تثير فينا مشاعر الفخر والكبرياء؟!.
ولايختلف اثنان أن الاحتفاء بالأدباء والمثقفين والعلماء والشهداء وتسمية الشوارع بأسمائهم هو الطريق لتخليد أعمالهم في ذاكرة الأجيال، لأنهم يشكلون أساس النهضة وعمادها، وهم كنزها الذي لاينضب، هذا إلى جانب ما يضفيه هذا الاحتفاء من تعزيز للقيم والقدوة في قلوب وعقول الأجيال الناشئة لمحاكاة نجاحاتهم واقتفاء أثرهم.
واليوم ونحن نغرق في خضم التكنولوجيا وسحرها الذي يأخذ بعقول الكثير من شبابنا والتوجه إلى القدوة المستوردة من عالم ماوراء البحار والمحيطات في غير فن وأدب وشخصيات لاتشبهنا، نحن مطالبون بإعادة إحياء زمن الأجداد في ذاكرتهم وتسليط الضوء على أهم المبدعين بتخصيص لوحات توضع بشكل لافت على مفارق الطرق وتفرعاتها مع التعريف بصاحب الاسم، وليس وضعها في أماكن لايستطيع الإنسان رؤيتها بسهولة، على عكس بعض” اليافطات” التي تغطي مساحة كبيرة لتشير إلى طبيب مايزال يرسم أولى خطواته..
ولماذا هذا التجاهل لأسماء العديد من المبدعات والطبيبات اللاتي تركن بصمة هامة على صعيد الأدب والفكر والعلوم، ألسن جديرات بالتكريم وأن يحمل واحد من الشوارع أسمائهن؟!.
ربما هناك لجان متخصصة تعنى بهذا الشأن نتمنى أن تعيد إلى الأذهان الاهتمام بصياغة كل مامن شأنه تكريس مفهوم” القدوة” عبر الخيارات المدروسة لتسمية الشوارع، فالأماكن حكايات طازجة، تمنحها الأسماء نبضاً وروحاً وحياة جديدة.
رؤية- فاتن أحمد دعبول