كثيرة هي المرّات التي احتجنا فيها لفرصة ثانية…!! وكثيرة هي الأيام التي أثبتت أن الفرصة الثانية يستعدّ فيها الإنسان أكثر على ألّا يفوّت الفرص… وهو ذات الإنسان الذي أيقن أن تفويت الفرصة يعني استجرار المزيد من الآلام والمآسي والخيبات… ومزيد من الاستباحة لأبسط حقوق العيش الكريم…
فرصة ثانية يتكفّل بها وطن بقي يفتح ذراعيه لكلّ أبنائه، ولم يميّز ابناً عن آخر، ويعطي الفُرص للأبناء بإنصاف…
ليس خروجاً على النصّ الفرصة الثانية، وإنما الحبّ الذي لا حدود له يضع حدّاً للاتجار بالقضايا الإنسانية، ويوقف المسرح العالمي أو يُسدل الستار عن فصل من فصوله الذي اعتاد النفاق والاستعراض على مرأى العالم بضحايا الحرب على سورية…
الأقدام التي عهدت دفء الأرض وتدفق الينابيع ضاعت خُطاها في كُرة منفوخة في الهواء… اشتاقت أن تغوص في رحم الأرض التي تناثرت بين ثناياها شتلات الحبق وعرّش على جدرانها الياسمين العتيق…
الأقدام التي اتكأت على ظلال الأرصفة وانتظرت تهدّم الجدران التي تفصلها عن العالم الخارجي وعن الأوطان.. وفكّ رباط الخيام.. ونسيان حزن ترنيمات اللجوء والغياب… والصوت المبحوح من صراخ العناء…
سأعود من حيث أتيت لأن روحي اشتاقت لفرصة ثانية… لأرتق ثقوب عذاباتي والليالي المُضنكة… وأُثبّت قدمي حيث خُلق لي موطئ قدم… فمنذ أن رحلت نهشوا لحمي وتقاسموا روحي في نخاسة الإنسانية… ولم يبقَ منّي إلّا فرصة ثانية على عتبات الوطن… سأمشي نحوها واثق الخطوة ملكا…
رؤية – هناء الدويري