رغم خسارته في انتخابات الرئاسة الأميركية، لا يبدو الرئيس المنتهية ولايته في كانون الثاني القادم دونالد ترامب في وارد التسليم بالهزيمة أو الخروج بهدوء من البيت الأبيض، فحتى هذه اللحظة لم يعترف بالنتائج المعلنة التي أعطت منافسه الديمقراطي جو بايدن فوزاً مريحاً لا يمكن تجاهله أو القفز فوقه، ولم يقدم ضمانات للأميركيين بخروج آمن من السلطة، بل عوضاً عن ذلك حرّك مناصريه في الشارع وأرسل العديد من الرسائل التي تشي بأن ما بقي من ولايته قد يكون أصعب وأكثر سخونة من الصيف الماضي الذي أعقب جريمة مينابوليس العنصرية.
وفيما (كوفيد 19) يحصد أرواح الآلاف من الأميركيين يومياً وسط زيادة قياسية في أعداد المصابين، تنصب اهتمامات ترامب على خوض مواجهة قضائية لإثبات عدم “نزاهة” الانتخابات وعدم شرعية الرئيس المنتخب، في حين كانت الإقالات والاستقالات لموظفين كبار في البنتاغون- ومنها استقالة وزير الدفاع- أمراً ملفتاً ومقلقاً، الأمر الذي خلط التكهنات بشأن ما يدور في عقل هذا الرجل، وما إذا كانت لديه نوايا لافتعال حدث كبير يخلط الأوراق ويقلب الطاولة في وجه خصومه، ويعيده إلى البيت الأبيض مجدداً أو- على الأقل ـ يؤخر موعد الاستلام والتسليم.
بعض المتشائمين توقعوا أن يقدم ترامب على فعل متهور خارج أميركا من شأنه أن يعقد حسابات خلفه بايدن ويجعل مهمته مستحيلة في إصلاح الأضرار المحتملة، فيما توقع آخرون “أقل تشاؤماً” أن تنحصر مشاغباته داخل أميركا خلال ما تبقى من ولايته قبل أن يذعن للنتيجة، والملفت هنا أن شيطان الدبلوماسية الأميركية “جون بولتون” عجز عن قراءة السيناريوهات التي تدور في رأس ترامب وأبدى خشيته على الأمن القومي الأميركي، محذراً من أنه “لن يرحل بهدوء”..!
وبغض النظر عن السيناريوهات الشيطانية المتوقعة أو المستبعدة، فإن الانتخابات الأميركية كانت فرصة لكشف بعض عورات أميركا، فالساعي للحكم والسلطة في بلد يشن حروباً باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات لا تعنيه أرواح الناس ولا آراؤهم الحرة، ولا تهمّه الديمقراطية ولا صناديق الانتخاب، ولا تحرجه المخاطرة بالأمن والاستقرار في بلاده وخارجها، وقد تكون الأيام والأسابيع القادمة حبلى بالأحداث والتطورات التي تؤكد مرة جديدة زيف القيم التي يروج لها المعجبون بالنموذج الأميركي، فلننتظر ونرَ، فإن غداً لناظره قريب..!.
البقعة الساخنة- *عبد الحليم سعود