الثورة أون لاين – دينا الحمد:
في خطوة تعبر عن مدى العدائية في السياسة الأميركية الاستفزازية، والدوس على كل الأعراف والقوانين الدولية من ناحية، وبتوقيت مشبوه يستبق انتهاء ولاية إدارة الرئيس العدواني دونالد ترامب، جاءت زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو إلى المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، في رسالة دعم جديدة للكيان الإسرائيلي من قبل أصحاب الرؤوس الصهيونية الحامية في واشنطن، ومن فريق ترامب العدواني على وجه التحديد.
ولعل قراءة سريعة وعاجلة في هذه الخطوة الاستفزازية تؤكد لنا دون أدنى شك أن الإدارة الأميركية لا يمكن لها أن تتنفس الهواء دون أن تزدري بشكل فاضح أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي ومئات القرارات التي اعتمدتها الأمم المتحدة، والتي تعتبر الجولان السوري ارضا محتلة وعلى الكيان الإسرائيلي الانسحاب منها دون قيد أو شرط.
كما أن هذه الإدارة التي تستثمر بكل شيء لا تمتهن إلا الإرهاب والإجرام وارتكاب الانتهاكات الجسيمة الممنهجة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان، والتي ترقى إلى جرائم حرب، فهي تشجع حكومة الاحتلال الصهيونية على الاستمرار باحتلال الجولان والاستمرار باحتلال الأراضي الفلسطينية واستيطانها.
إن زيارة بومبيو السافرة إلى الجولان المحتل تعد انتهاكا سافرا لسيادة الجمهورية العربية السورية في الوقت الذي تزامنت فيه مع اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على سورية وآخرها العدوان الذي شنته الأسبوع الماضي، وهي كما أكدت سورية تشجع على استمرار الكيان الإسرائيلي الغاصب في نهجه العدواني الخطير الذي ما كان ليتم لولا الدعم اللا محدود والمستمر الذي تقدمه لها بشكل خاص الإدارة الأمريكية والحصانة من المساءلة التي توفرها وتفرضها هذه الدول.
المفارقة الصارخة أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لم يبادرا إلى إدانة هذه الزيارة التي تنتهك قرارات المنظمة الأممية بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 497 والإجماع الدولي الذي رفض قرار (إسرائيل) بضم الجولان والقرار الأمريكي بالاعتراف بهذا الضم، ولم يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته (كما طالبته سورية) في إطار ميثاق الأمم المتحدة وأهمها حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار مثل هذه الزيارات الاستفزازية لمسؤولي واشنطن كونها تشكل انتهاكا صارخا لأحكام القانون الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تحظر زيارة الأراضي المحتلة.
لكن الذي يمكن قوله بعد هذه الزيارة المشؤومة أن ترامب لم يدرك بقراره إرسال وزير خارجيته إلى الجولان المحتل ومن قبلها توقيعه على قراره الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية المزعومة على الجولان المحتل لم يدرك أن خطوتيه ليس لهما أية قيمة ولا يساويان ثمن الحبر الذي استخدم، وإذا كانت الزيارة وقبلها قرار السيادة المزعومة لا يساوي في قاموس السوريين المقاوم شيئاً فإن المهم أيضاً أن تلك القرارات لا أثر قانونياً لها على الإطلاق لا في دساتير الدول التي تهب وتهدي وتعطي أملاكاً ليست لها ولا في قوانين الأمم المتحدة وأعرافها، والنصر في نهاية المطاف لأصحاب الأرض والحق مهما تغطرست أميركا واعتدت.