الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
عقلية المسؤولين الأميركيين تطفح بالغطرسة، التي تعكس نزعة الإجرام المتجذرة داخل أروقة صنع السياسة الأميركية، وهذا ما تجسده سياسة العدوان والاحتلال ودعم الإرهاب في سورية، فالولايات المتحدة لم تكتف بارتكاب الجرائم والمجازر الوحشية بحق المدنيين بريف دير الزور، أو بتدمير مدينة الرقة وتسويتها بالأرض، وسرقة ثروات الشعب السوري النفطية، وإعطاء الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لمواصلة عربدته وشن اعتداءات متكررة على الأراضي السورية لنجدة الإرهابيين على الأرض، وإنما وصلت إلى حد قرصنة حقوق السوريين التاريخية، وتقديمها لهذا الكيان الغاصب، وهذا ما عكسته زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، وجسدته تصريحاته العنصرية التي تحاول قلب الحقائق التاريخية وتزييفها، في تأكيد جديد على مدى التحالف العضوي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الغاصب، ويشير إلى مدى العداء الأميركي المستحكم للشعب السوري الذي يقف سدا منيعا أمام كل المخططات الصهيو-أميركية التخريبية المعدة للمنطقة.
تصريحات بومبيو لا تنم إلا عن مدى الحقد الذي يتحكم بغرائز أركان الإدارة الأميركية من المحافظين الجدد، وتعكس مدى الجهل بحقائق التاريخ والجغرافيا، وحجم الإزدراء الأميركي للشرعية الدولية، والانتهاك الفاضح والسافر للقانون الدولي، فهي امتداد لانتهاك ترامب السافر لقرارات الأمم المتحدة بخصوص الجولان السوري المحتل وخاصة القرار 497 لعام 1981 الذي يؤكد الوضع القانوني للجولان السوري كأرض محتلة، ويرفض قرار الضم لكيان الاحتلال الإسرائيلي ويعتبره باطلا ولا أثر قانونيا له.
بومبيو الذي صوب سهامه على المجتمع الدولي الرافض لكل الخطوات الأميركية والصهيونية، والمطالب بضرورة عودة الجولان المحتل إلى وطنه الأم سورية، يتجاهل حقيقة أن الكيان الصهيوني القائم على الاحتلال ودعم الإرهاب، هو الذي يشكل الخطر الأكبر، ليس على دول الغرب وحسب وإنما على العالم بأسره، ويكفي الدعم الأميركي اللا محدود لجرائم هذا الكيان الغاصب، ليكون خطر هذا الكيان أكثر تعاظما، وأن سياساته التوسعية وأطماعه التي لا تتوقف عند حدود، هي التهديد الحقيقي للأمن والسلام العالمي برمته.
الولايات المتحدة الأميركية ترتكب كل جرائمها في المنطقة لخدمة مخططات العدو الإسرائيلي، وهذا ما شجع على الدوام الكيان الغاصب على التمادي في جرائمه وممارساته التعسفية بحق أهلنا الصامدين في الجولان المحتل، حيث تعمد حكومة الاحتلال إلى استغلال الأوضاع الراهنة لتكريس احتلالها وانتزاع الاعتراف بقرارها غير الشرعي بضم الجولان كأمر واقع، وتصعد محاولاتها الإجرامية الهادفة لفرض قوانينها وولايتها على أهالي الجولان، على التوازي مع تصاعد حملات الاستيطان عبر الاستمرار ببناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في أنحاء الجولان.
بومبيو، وقبله ترامب، وكل المسؤولين الأميركيين ” جمهوريين كانوا أم ديمقراطيين” لن يستطيعوا تغيير الحقيقة التاريخية الخالدة بأن الجولان كان وسيبقى عربيا سوريا، وأن تحريره بكل الوسائل المتاحة وعودته إلى الوطن الأم سورية هو حق غير قابل للصرف، وأن عزيمة وتصميم وإصرار السوريين على تحقيق هذا الهدف هي اليوم أكثر صلابة من أي وقت مضى، وذلك بنفس الإرادة والإقدام التي دحر فيها السوريون الأذرع الإرهابية الأميركية.
العربدة الأميركية لن يكون بمقدورها تغيير الحقائق، أو تغيير مجرى التاريخ، خاصة وأن السوريين عموما وأهلنا في الجولان المحتل خصوصا لم يتوقفوا يوما عن مقاومة الاحتلال، وهم اليوم أكثر تصميما وعزيمة على الاستمرار في النضال حتى تحرير الجولان المحتل بشكل كامل وعودته إلى كنف الوطن، والوقت حان اليوم لأن تدرك إدارة ترامب المقيتة، والمهزومة سياسيا وأخلاقيا، حقيقة أن الاحتلال إلى زوال مهما طال أمده، فكل قوى الهيمنة والغطرسة الأميركية والصهيونية لن تستطيع كسر إرادة التحدي لدى الشعب السوري.