جدران

 

قد يكون جدار برلين أكثر جدار أخذ شهرة في التاريخ السياسي بين الدول، إلا أن سور الصين العظيم يعد الجدارالأسبق والأكبر والأبقى في التاريخ البشري في العالم فقد تم بناؤه ليكون جداراً وحاجزًا يرد غزوات المعتدين ويردع عدوانهم ويشكل حالة أمان بالنسبة للداخل الصيني، كما الأمر بالنسبة لجدار برلين الذي فصل بين المعسكرين الاشتراكي والإمبريالي على الأرض الألمانية وبين المواطنين الألمان من أبناء مدينتهم الأبرز وعاصمتهم المعنى، لتقسم أبناء الشعب الواحد بين عاصمة منقوصة في الجزء الشرقي من البلاد وعاصمة جديدة حاولت سرقة تاريخ العاصمة التاريخية زمناً في الجزء الغربي من البلاد.

 

في حال الصين لم يفلح ذلك الجدار الأسطوري أن يصد غزوات المعتدين، لأنه في كل الحالات لم يكن يشكل عائقاً أمام الجيوش الغازية ذلك أن العملاء من الحراس والمراقبين كانوا يسمحون للغزاة بالتسلل والدخول إما من البوابات أو يرشدونهم إلى الأماكن الضعيفة والمنخفضة، الأمر الذي يعني أن الجدران لم تكن في يوم تشكل حواجز تمنع الانتقال من طرف لآخر، وما زالت أيام الثاني والعشرين من كانون الأول من عام 1989 ماثلة للعالم عن سقوط جدار برلين الذي أسقط معه نظريات الحجب والفصل والمنع بغض النظر عن الخلفيات العقائدية والفكرية التي تحكمها وحجم ومدى الحق والصحة والصدق والهدف من تلك الإجراءات التي تمثلت في إقامة تلك الجدران والحواجز، فهي قد سقطت بشكل غير متوقع والأغرب من ذلك يتمثل في أن من أقاموها كانوا السبب المباشر في تحطيمها سواء بشكل معنوي أو فعلي وواقعي فماذا أفادت وتفيد الجدران؟.

الحديث عن جدران حقيقية وملموسة لا ينفصل عن جدران نفسية وافتراضية يعيشها البشر، فيقيمون جدراناً وهم بينهم وبين الآخرين ظناً منهم أن أفكارهم ومعتقداتهم ترتقي إلى درجة القدسية ولا ينبغي لغيرهم أن يبلغ موقعها، كما لا يجوز للآخرين الولوج إلى داخلها فيدنسون مبادئها ويخربون مرتكزاتها الأمر الذي يفترض وجود حاجز يفصل الآخرين عن الوصول إلى تلك المقدسات المتوهمة.

فالجدران تأخذ أشكالاً وحالات متنوعة ومتعددة، تتخذ هدفاً واحداً متمثلاً في الفصل، لكنها مهما تعاظمت وامتلكت أسباب القوة تسقط أمام نسمات الهواء اللطيفة المتسللة من بين الشقوق والفتحات والثقوب الصغيرة لتكون النتيجة النهائية والحتمية سقوط تلك الجدران الواقعية والمادية وكذلك الجدران النفسية والافتراضية.

والسؤال الذي سيبقى يحير العلماء والمتابعين هو أي فلسفة تحكم بناة الجدران ما داموا يعرفون نهايات الهدم والتكسيرالحتمية، وأي ضريبة دفعها ويدفعها البشر الذين يقبعون خلف تلك الجدران غير مدركين لحجم ومساحة المعتقل الذهني الذي يعيشون فيه وهم مسلوبو الإرادة والتفكير، وحتى الحق في التنفس والخيال.

معاً على الطريق – مصطفى المقداد

 

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض